في الوقت الذي تعلن فيه منظمة الأغذية والزراعة الدولية (الفاو) أن أكثر من مليار شخص يعانون من الجوع في عام 2009 جراء تداعيات الأزمة المالية الراهنة ، وتفاقم أزمة الجوع في الدول الفقيرة ، فإن العالم المتحضر ينفق أكثر من مائة مليار دولار لمكافحة السمنة ، ولإنقاص الوزن الزائد لكثير من بدناء الأرض.
هناك تقليعة جديدة في عالم إنقاص الوزن والريجيم القسري ، هي طريقة البالون ، حيث يقوم الاطباء بنفخ بالون في معدة الذي يريد إنقاص وزنه ، فيعمل البالون على خفض الاستفادة من حرق السعرات الحرارية وعلى تخفيض سعة المعدة ، وهذا يذكرنا بعمليات تحزيم بعيداً عن الحميات وبرامج الريجيم القاسية ، حيث يتخذ حزام صغير ، يقسم المعدة قسمين ، القسم الصغير يصبح مخصصاً لاستقبال الأكل ، وبالتالي يضطر المريض للشبع سريعاً،، ، فيرفع يده عن الطعام ويكف عن التهامه ، فكما تعلمون أن ازدراد الطعام بكثرة هو في غالبية الأمر عادة وإدمان وليس حاجة،،.
ومن قبل ذلك كان العلم قد توصل إلى طريقة ذكية في سبيل تخفيف تخمة العالم البدين ، وذلك عن طريق خداع المعدة: أجل المعدة تخدع،، ، وتتلخص الطريق بأن يزرع في بطن البدين جهاز لا يزيد حجمه عن ساعة اليد ، وتثبت أسلاكه على جدار المعدة ويتحكم بانقباضاتها عن طريق إرسال تيارات كهربائية تجعلها تنقبض ، فترسل المعدة بدورها إشارة إلى الدماغ ، تشعره بأنها وصلت إلى حد الإشباع: فيتوقف الإنسان عن التهام الطعام بطيب خاطر،،.
كم يحزنني أن تصرف هذه المليارات من أجل تحزيم ولجم المعدة ، ونفخ البلالين فيها ، وهناك ملايين الناس تبيت طاوية يتحزمون بحزنهم وحجارتهم ويتكورون على ذواتهم: من أجل قمع الجوع الكافر ، فيما العالم المترف لا يمد يده من أجل عون هؤلاء ، فحبذا فقط لو أن عمليات شفط الدهون من كثير من بدناء العالم ، يتم ضخها إلى أؤلئك المصابين بسوء التغذية المزمن والهزال الدائم،،.
لكن مشكلة العالم لا تتلخص بحجم المعدة وتصغيرها ونفخ بالون فيها أو خداعها بالشبع الوهمي. مشكلة العالم المتحضر أنه يملك عيونا واسعة مفتوحة بنهم لا تشبع ، ولن يملأها إلا التراب،،.
ramzi279@hotmail.com