انقضت الحقبة العثمانية ولملم الكاتبجي أشياءه و رحل ، وشهدنا بعد ذلك بداية عصر ما بعد الحداثة, وثورة الحكومة الالكترونية , وعصر الديجتال والليبرالية والانفتاح و إسقاط الحدود والتجارة الحرة.
ومع ازدحام الشعارات التحررية والتقدمية اعتقدنا أن الجميع بدأ يدرك خصوصيات المرحلة ونتائج تحولات العصر وخصوصاٌ على صعيد احترام الحريات والكلمة الحرة , وأن كاتبجية العصر الحديث باتوا يدركون أننا نعيش في العام 2009, و أن سياسة تقييد الفكر وتكبيل الرأي وسجن الكلمات قد ولت إلى غير رجعة وأخذت معها كل أساليبها البالية.
الصدمة لمن يعش في هذا العصر تكمن بظهور بعض الممارسات ذات الطابع العثماني والتي تؤكد عدم قدرة من يمارسها على مواكبة الحاضر وتظهر معضلة " شيزوفرينيا تطبيق الشعارات" ، فادعاء الليبرالية والثورة المعلوماتية وجب أن يواكبه استيعاب الآخر وإدراك أن سياسة المنع لم تعد تجدي ، فمن أدخل الحواسيب والانترنت اليوم يدرك تماماً أن حقبة المنع ولت وطويت صفحتها.
إن الدفاع عن الاستقلال الفكري اليوم هو من أهم العوامل الداعمة لعملية التنمية والتطوير, فالحراك وحده يضمن تولد النتائج وبهذا من الواجب اليوم الانتقال من ثقافة الإجماع إلى ثقافة التعددية والتي تضمن الحراك الإيجابي وعليه وجب تسخير الجهود للحفاظ على استقلالية الإبداع.
إن مخاطر هذه الممارسات لا تقتصر على النتائج السلبية فيما يتعلق بالحريات والمناخ العام بل تكمن أيضاً بإشارات واضحة لتقدم الفكر السياسي الأكاديمي على الفكر السياسي التطبيقي بمراحل كبيرة وهو ما يوجد فجوة فكرية كبيرة بين النظرية والتطبيق ، ولا بد من التأكيد هنا أن معيار تقدم الدول اليوم يقاس بدراسة مستويات الحرية التي تضمنها السياسات الحكومية و التي لا تُستكمل الديمقراطية إلا بها وهي: حرية الفكر, حرية الكلمة, حرية الصحافة, حرية النقد, حرية الفرد في صنع مستقبله و تحديد مكانه بالمجتمع.
إن النظريات تشير إلى أن عملية التنمية و التطوير لا يمكن أن تسير في طريقها الصحيح دون ضمان الحرية , فالحرية وحدها هي القادرة على تحريك الإنسان لملاحقة التقدم و دفعه دائماً إلى الأما ،.فكما أكد المفكر العربي خالد محمد خالد " إن الإنسان الحر هو أساس المجتمع الحر وهو بناؤه المقتدر."
إن ممارسة النقد هي التي تمنح العمل الوطني دائماً فرصة تصحيح أوضاعه و ملاءمته مع الأهداف الكبيرة ، وعليه فانه وجب الإدراك أن كثيراً من الممارسات ترسم صورة الوطن على الصعيد العالمي, ولا شك أن الحفاظ على صورة الأردن والعمل على تحسينها هو الهدف الذي يجب أن ينشد من كل الممارسات والقرارات الحكومية , وعليه يجب علينا أن ندرك أننا نعيش مرحلة تحولية ونستعد لمرحلة قادمة ستجعل من الأردن محط أنظار لكل مشاريع التنمية والتطوير في المنطقة , وعليه يجب تجنب كثير من الممارسات غير الضرورية كتكميم الأفواه والتي لا يمكن لها أن تمنع الكلمة لا بل ستؤدي إلى نتائج عكسية حسب قاعدة كل ممنوع مرغوب, ولن تقدم إلا نتائج سلبية والتي تسيء لصورة الوطن ووضعه الدولي ولنعمل على الانتقال بوطننا إلى مرحلة متقدمة على سلم الشفافية بتحويل الفاسدين إلى المحاكمة ولنعمل على أن يتبوأ وطننا درجة متقدمة على سلم الحريات ونحافظ على صورته المشرقة بالحفاظ على حرية الكلمة.
كلية اللغات / قسم اللغات الأوروبية
amersabaileh@yahoo.com