إسرائيل .. الممكن والخطير !!
عاصم العابد
18-10-2009 04:05 AM
إن أفضل ما تقدمه لعدوك هو أن تنازله في المكان الذي يناسبهئوان تقاتله بالسلاح الذي يجيد استخدامه ويتفوق عليك فيه.ولعل أقصى ما تتمناه القيادة الإسرائيلية اليوم هو تخليق مبررات وظروف حرب عدوانية جديدة في المنطقة لتفلت من الانشوطة التي تضيق عليها حاليا وتشتد في الميدان الدبلوماسي والحقوقي والسياسي.فلم تكن إسرائيل في وضع مكشوف و مترد ومشين ومدان ومعزول كما هو حالها اليوم.
فالضغوط المتراكمة المتنوعة الشكل والمحتوى والمصدر،على الغطرسة الإسرائيلية ، التي تذكرنا بنظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا ( 1948-1991 )، تزداد حدة وقوة وتأثيرا، فقد بلغ السيل الزبى مع النظام اليميني العنصري الإسرائيلي،الذي يصعد إلى الحدود القصوى،استباحته وعسفه وطغيانه وتنكيله بالشعب الفلسطيني بشكل عام وانتهاكاته واستهدافاته للمقدسات والمقدسيين بشكل خاص،ولا يأخذ في أي اعتبار مصالح الولايات المتحدة الأمريكية حليفه الاستراتيجي، ولا يأخذ في أي حسابات انهئ سيورط هذا الحليف بالفيتو المشين ضد تقرير جولدستون، وان تلك الحماية والرعاية والحضانة ئالتي يطمئن إلى وجودها ويستند عليها هذا الكيان العنصري ستدمر برنامج الرئيس الأمريكي للسلام في الشرق الأوسط وتلحق أفدح الأضرار بالآمال الصادقة البريئة المعلقة عليه وسيضرب استمرارها المصداقية الأمريكية وسيدمر كليا ونهائيا صورتها الجديدة التي تسعى إدارة الرئيس باراك اوباما إلى تظهيرها.
إن سلسلة الجدران والعراقيلئ المادية والسياسية التي تضعها قيادة اليمين الإسرائيلي في وجه كل المحاولات النزيهة الجادة والمتلاحقة التي قام ويقوم بها مبعوثون دوليون - توني بلير، جورج ميتشل - ئتفضي إلى طريق وحيد لا غير، هو طريق المزيد من عزلة إسرائيل وانكشافها كقوة احتلال عنصري تشكل خطورة مباشرة ومتعاظمة على السلم في الإقليم والعالم مع ما يمكن أن ينجم عن هذه العزلة من الجنوح إلى المغامرات العسكرية الدموية المباشرة، التي مسرحها ؟ بالتناوب ؟ احد الجنوبين ،جنوب لبنان وغزة في جنوب فلسطين، أو دفع حلفائها إلى العدوان على إيران، أو القيام بهذا العدوان بنفسها وإشعال نيران حرب مدمرة جديدة في منطقة تطفح بالدمار والنار.
ويستدعي هذائ الجنون والحماقة والصلف الإسرائيلي الحذر الشديد مع المزيد من الضغط الدبلوماسي والحقوقي على هذه الإدارة التي يبدو أنها مكبلة بتحالفاتها الداخلية وعاجزة كليا عن القدرة على اتخاذ قرار السير في طريق وقف أو حتى تجميد الاستيطان توطئة لاستمرار مفاوضات السلام ،وقد مثلت مقابلة جلالة الملك مع صحيفة هآرتس الإسرائيلية ( 8 تشرين الأول الحالي ) التي لخص فيها بحنكة تعبوية مدهشة العلاقات الأردنية الإسرائيلية حيث قال: إن العلاقة الأردنية الإسرائيلية تزداد برودا،وهي جملة شديدة الكثافةئمثلت ذروة من ذرى العمل السياسي القومي الذكي الحصيف، وضغطا حازما حاسما ،وولدت ردود فعل إسرائيلية داخليةئمتنوعة كان أبرزها الذي جاء فيه :
* الملك عبد الله شاب حكيم يجب الإصغاء لما يقوله.
* الملك عبد الله ينتمي لجيل الزعماء الكبار.
* ملك الأردن يثير الانطباع بفهمه وعقله.
* الملك عبد الله يمثل صوت العقل والفهم.
* لو أن عندنا في إسرائيل زعيما حكيما وحداثيا يريد لشعبه السلام مثل ملك الأردن.
* الأردن من أكثر بلدان الشرق الأوسط تقدما.
* فالضغط الأردني المؤثر الشديد، بالتوازي مع صمود ومقاومة وبطولة الفلسطينيين المدافعين عن المسجد الأقصى المبارك، منع عصابات المستوطنين من اقتحام المسجد الأقصى مجددا، يضاف إليه ويشكل عامل قوة مؤثرا معه،الموقف التركي المتميز،الذي ألغى مناورات نسر الأناضول المشتركة،وطور في نفس الوقت العلاقات التركية العراقية والعلاقات السورية التركية،موجها لطمة مباشرة للإدارة اليمينية الإسرائيلية ومعلنا توترا إسرائيليا تركيا غير مسبوق مما يزج بقوى إقليمية وإسلامية مؤثرة إلى مواقع الضغط السياسي الدبلوماسي الاقتصادي على اليمين الإسرائيلي.بالاضافة الىئإدراك المجتمع الإسرائيلي خطورة اليمين المتطرف الإسرائيلي على إسرائيل وعلى الإقليم والعالمئ.
لا فائدة من إطلاق النار في الفضاء فوق رؤوسهم ، إننا نطلق النار عليهم مباشرة ، هذا هو ما قاله كبير ضباط الشرطة الجنوب-إفريقي للصحفيين عقب مذبحة سويتو(حزيران 1976) !! لقد ازدرى نظام بريتوريا العنصري قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة والبشرية جمعاء واستخدم القوة المفرطة ضد مظاهرات الطلبة في الجامعات والمدارس وأوقع مئات القتلى واعتقل الآلاف،وقد أدى ذلك إلى فرض حصار كامل وعزل كلي لذلك النظام البغيض إلى أن سقط تماما ونهائيا. وما قارفته إسرائيل وما تقارفه بشكل منهجي ومتكرر يفوق آلاف المرات ما قارفه نظام بريتوريا العنصري البائد !!.
إن مناشدة إسرائيل التخلي عن عنفها وطبيعتها العدوانية وتكوينها التوسعي الاستيطاني هي مناشدة مثالية حالمة.فهذا النظام القائم فقط على سياسة القوة والعنف المفرطين، عاجز كليا عن الامتثال للقانون وللشرعة الدولية بسبب تركيبته التلمودية الأساسية القائمة على التوسع والاستيطان والحرب. وبسبب تكويناته السياسية الاقتصادية الداخلية. وان ما هو واقعي وممكن، هو شن أوسع حملة دبلوماسية وحقوقية وأشدها ضراوة، والآن ، على هذا الكيان الدموي وحصاره دوليا وعزله كليا إلى أن تتفسخ وتتحلل مكوناته العنصرية وتحالفاته الداخلية، وتصبح مكلفة إلى حدود لا تطاق ،علاقات الدعم والحضانة مع الإدارات الأمريكية.
وبالتوازي مع جهود جلالة الملك ومواقفه الشجاعة الحكيمة ومع تحركات الدبلوماسية الأردنية الفعالة، فإن المطلوب هو إعادة النظر في بنية السفارة الأردنية النشطة في تل أبيب، لا لإغلاقها، بل لتعزيزها ومضاعفة كادرها -ئ نوعا وكما - مرات ومرات، لتقيم أوسع العلاقات مع قوى النزاهةئ والسلام والضمير والشرف الإنساني الإسرائيلي، ودعوة هذه القوى وقوى السلام المماثلةئالعالمية،إلى تشكيل لجنة دولية من اجل السلام ومناهضة الصهيونية والفاشية والحرب.