رغم معانتك يا وطني .. ستبقى سالما منعما وغانما مكرما
د.غازي عبدالمجيد الرقيبات
15-07-2019 08:49 AM
بداية ساعرض بعضا من المؤشرات الاقتصادية الرسمية (المالية والنقدية) والتي تحاكي واقع الحال لاقتصادنا ، فقد بلغ رصد إجمالي الاحتياطيات الأجنبة لدى البنك المركزي (بما فیھا الذھب وحقوق السحب الخاصة) في نھایة الثلث الأول من عام 2019 ما مقداره 13200.4 ملیون دولار ، والذي یكفي لتغطیة مستوردات المملكة من السلع والخدمات لنحو 7.1 شھر ، في حين بلغت السیولة المحلیة لدى القطاع المصرفي نھایة الثلث الأول ايضا من العام الحالي ما مقداره 33490.9 ملیون دینار، بينما بلغ رصید إجمالي التسھیلات الائتمانية الممنوحة من قبل البنوك المرخصة لنفس الفترة 26513.1 ملیون دینار، ورصید إجمالي الودائع 33913.4 ملیون دینار، كما سجلت الموازنة العامة للحكومة المركزیة عجزا ماليا كليا بعد المنح الخارجیة بمقدار 297.9ملیون دینار وبواقع 3.9%من الناتج المحلي الاجمالي خلال الربع الأول من عام 2019، في حين حافظت نسبة إجمالي الدین العام ( الداخلي والخارجي) في نھایة شھر آذار من عام 2019 على نفس نسبتھا المتحققة في نھایة عام 2018 والبالغة 94.4 %من الناتج المحلي الاجمالي ، وارتفعت الصادرات الكلیة (الصادرات الوطنیة مضافا إلیھا المعاد تصدیره خلال الربع الأول من عام 2019 بنسبة 9.3% لتبلغ 1334.5 ملیون دینار، في حین انخفضت المستوردات بنسبة 3.2 % لتبلغ 3.263,3 ملیون دینار، وتبعا لذلك انخفض عجز المیزان التجاري بنسبة 10.2 % لیصل إلى 1928.8ملیون دینار ، بينما أظھرت البیانات الأولیة لمیزان المدفوعات خلال عام 2018 عجزا في الميزان الجاري مقداره 2107.8ملیون دینار وبواقع 7.0 %من الناتج المحلي الاجمالي.
وكذلك أظھر وضع الاستثمار الدولي في نھایة عام 2018 ارتفاعا في صافي التزامات المملكة نحو الخارج لتبلغ 32094.7 ملیون دینار ، اما القیمة السوقیة للأسھم المدرجة في بورصة عمان فقد بلغت في نھایة الثلث الأول من عام 2019 ما مقداره 14950.7 ملیون دینار، وارتفع المستوى العام لأسعار بالتغير النسبي في الرقم القياسي لأسعار المستهلك مقاساً خلال الشهور الخمسة ألاولى من عام 2019 بنسبة 0.5% ، وارتفع معدل البطالة خلال الربع الاول من عام 2019 ليصل إلى19.0% ( 16.4% للذكور و28.9 %للإناث) .
وبعد هذه النظرة الموجزة لبعض جوانب واقع الحال الاقتصادي ، اعود بكم الى عقدين ماضيين من الزمن مستذكرا واياكم تصريحا صريحا لرئيس الوزراء الاسبق عبدالرؤوف الروابدة وتحديدا في العام 1999 حينما وصف آنذاك اقتصادنا الاردني بأنه في "غرفة الإنعاش"، واليوم بعد مرور 20 عاماً على هذه التصريحات الجريئة والمثيرة لمسؤول رفيع على راس عمله وبحجم رئيس وزراء نقول "هل عاد ثانية إلى غرفة العمليات "اقول ذلك بعد ان استنفذنا جميع وصفات الإصلاح الاقتصادي والتي اثبتت عدم جدواها في إخراج اقتصاد وطنا الغالي من الالام والامراض المزمنة التي استنزفته وانهكته ، فأقول وكل الاردنيين الى متى سيبقى تفاقم عجز موازنة الدولة ؟ ومتى نتمكن من كبح جماح المديونية المتنامي ؟ وكيف السبيل للحد من اتساع دائرة الفقر وشبح البطالة على الرغم من تعاقب 11 حكومة منذ ذلك الحين، وجميعها تعهدت بحل المشاكل الاقتصادية للوطن لكن ايا منها لم يفلح في ذلك .
اذا ما العمل للحد من تفاقم المشكلة الاقتصادية لدينا وتخفيف اثارها السلبية الحالية والمستقبلية ؟ واعتقد وبرايي الشخصي ولتخفيف من ثقل المرحلة ضرورة قيام الحكومة بخطوات عاجلة وجريئة ترتكز على مبدا المؤسساتية للتخلص من المزاجية الفردية في اتخاذ القرارات المتسرعة ، اضافة الى التركيز على مبدا الرقابة الفاعلة على جميع مؤسسات القطاع العام للتخلص من الفساد (هدر المال العام)، وتوحيد ارتباط وتبعية الصناديق والمؤسسات المالية الحكومية في مختلف الوزارات ليعاد هيكلتها على ان توضع جميعاً تحت ادارة البنك المركزي الاردني مثل (صندوق التنمية والتشغيل، مؤسسات تنمية اموال الايتام، البنك الوطني للمشاريع المتوسطة والصغيرة، صندوق المعونة الوطنية، ....) اخضاع جميع مؤسسات واجهزة الدولة دون استثناء للرقابة الدقيقة من قبل ديوان المحاسبة ، ضرورة خفض الاعداد الضخمة المتخم بها البعثات الدبلوماسية الاردنية في سفاراتنا وملحقياتنا في الخارج ، كما لابد من توفر الارادة الحقة في المكافحة الجادة والصادقة لأفة الفساد والفاسدين بحق ايٍّ كان منصبه ومكانته وتغليظ التشريعات لانزال اقصى العقوبات لمن تسول له نفسه اختلاس اي جزء من المال العام ، ولابد من بذل الجهد والعناية الخاصة فيما يتعلق بجذب وتشجيع الاستثمارات المحلية والاجنبية والتركيز على المشاريع المولدة لفرص العمل والمحققة لعائد افضل للاقتصاد وذلك لزيادة الموارد المالية المتاحة ، وبناء موازنة الدولة القائمة على موارد مالية اكثر ثباتاً واستقراراً بعيداً عن تلك الموارد التي تشوبها الضبابية كالبناء على المنح الخارجية غير المؤكدة ، والتوجه فوراً لاستغلال مصادر الطاقة المتاحة والبديلة منها للتخلص من قيود الاحتكار في توفير تلك المصادر ، لاعود ثانية فاقول " رغم معانتك يا وطني....ستبقى سالما منعما وغانما مكرما"