في رحلة السفر بين عمان والكرك نملك خيارين رئسيين في إختيار المسار أو الطريق ، أحدهما عبر ما يسمى طريق الموجب والذي يمرُّ من مأدبا المدينة ، والخيار الثاني هو الطريق الصحراوي وهو الشريان الرئيس الذي يربط شمال المملكة أو وسطها بأقصى جنوبها .
ولعلّ تحديد الإختيار أصبح يحدده عوامل أهمها الأمان والسلامة وأقلها مشقة وغاب عن الإختيار المتعة ورفاهية المرافق على الطرق أو المناظر الجميلة التي تحول السفر إلى رحلة وتنزه .
وأما خيار طريق الموجب ، والذي يتطابق في أجزاء منه مع الطريق الملوكي القديم الذي يربط القاهرة بدمشق ، فهذا الإختيار يلزمه أن لا يكون المسافر عبره غير معتادٍ عليه وينبغي الحذر الشديد من استخدام هذا الطريق للمرة الأولى في الليل ، ففي أجزاء كبيرة منها لا يوجد جزيرة وسطية وتنعدم إنارة الشوارع وتتداخل المنحنيات الراسية والأفقية وفيها منعطفات حادة وتفتقر إلى الإشارات المرورية اللازمة والكافية ، وعدد المطبات المنشأة على الطريق بين عمان والكرك يتجاوز المائة وخمسة وعشرين مطباً ولربما يستغرب من لا يعرف الطريق أن بعض المطبات لا تبعد عن بعضها مسافة مائة متر وتستحق هذه الطريق تسميتها بطريق المطبات العشوائية والتي لا تعبّر عن أي حسٍّ هندسي في تنفيذها . ناهيك عن خراب في جسم الطريق في أجزاء كثيرة منه وعدم كفاية سعة التعبيد ما بعد مأدبا باتجاه الكرك .
وأما المرور داخل مأدبا المدينة فمعاناة كبيرة وتعود لضيق سعة الطريق واهترائها والفوضى المرورية والفتحات غير الآمنة أو الهندسية في الجزيرة الوسطية وإعتداء أصحاب المحال على سعة الشارع .
ولعلّنا لا نغالي إن أسمينا هذا الطريق بكل تفاصيله بطريق العناء .
وأما الخيار الآخر والمتمثل بالطريق الصحراوي والذي حصد الكثير من أرواح الأردنيين وترك آثاراً للمأساة في كثير من بيوتات الوطن ، وما نكاد نفيق من كارثةٍ عليه حتى نغرق في أخرى ، وتم السكوت طويلاً عن صيانة ما يلزم صيانته وإعادة إنشاء ما يلزم إعادة إنشائه ، والعطاء الأخير بإعادة الإنشاء وبما يحوي من تغيير للمسارات لمقتضيات تنفيذ المشروع يسير ببطء لا نستند في تحديده بمدة العطاء التعاقدية ولا التمديدات المنطقية وغير المنطقية منها ، وإنما نحسُّ هذا البطء مقارنة مع كوارث الطريق ومآسيها المتتابعة .
ولا شك أن القصور في إنشاء مسرب خاص بالشاحنات في الطريق الذي تسلكه الشاحنات بشكل رئيسي من وإلى العقبة الميناء وغير ذلك منطلق ومنتهى رحلاتها يشكل خطراً كبيراً ومسبباً لكثير من الحوادث المرورية ، إضافة إلى سبب أساسي في خراب الطريق نظراً لعدم التقيد بالحمولات المحورية وعدم ضبط ذلك .
ولعله من غير المقبول أن تبقى أجزاء كبيرة من الطريق دون إنارة ولا إشارات مرورية كافية ، ولم يتم زراعة جوانب الطريق التي تتعرض كثيراً لتدني الرؤية بسبب العواصف الترابية وذلك للتقليل من آثارها فضلاً عن تجميل الطريق وكسر حدة الصحراء التي تلازم الطريق ومستخدميه ، على أمل أن نسمي هذا الطريق يوماً بالطريق الأخضر بدلاً من الطريق الصحراوي الذي يجلب الشؤم والضجر والذي ما زال في دواخلنا هو طريق الخوف .