المحاكمة عن بُعد وضمانات وحق الدفاع المقدس
د.خالد يوسف الزعبي
14-07-2019 03:00 PM
يعتبر مشروع (المحاكمة عن بُعد) الذي سوف يطبق في منتصف شهر تموز الذي تعمل وزارة العدل والقضاء والمحاكم والأجهزة الأمنية وإدارة السجون على تطبيقه، خطوة متقدمة في أصول المحاكمات الجزائية الحديثة في الأردن، وذلك عن طريق توفير وسائل التكنولوجيا والتقنيات الحديثة والربط الالكتروني والتلفزيوني، بحيث يتم محاكمة المتهم في جلسات علنية وهو في مراكز الإصلاح والتأهيل، من خلال تجهيز قاعة محاكمة تتوفر فيها كافة وسائل البث المباشرة من المحكمة المختصة وقاعة المحاكمة في السجن ويكون المتهم وكأنه في قاعة المحاكمة في المحكمة الجنائية المختصة ويشاهد القضاة على قوس المحاكمة ويشاهد الشهود والمحامين والخبراء وكل الأطراف في القضية وكأنه موجود تماما وبحيث يحق له المناقشة وسؤال الشهود ومخاطبة القضاة و/أو القاضي المختص ويطلب منه أو من محاميه.
- المحاكمة عن بُعد، سوف تُوفر الجهد والأمن والسلامة والنقل والكلف بسبب إحضار النزيل من السجن من قبل سيارة الشرطة والحراسة من الشرطة، وهذا سوف يوفر على الدولة ومديرية الأمن ومراكز التأهيل كلف عالية مالية، لأنه حينما يتم إحضار المتهم أو المتهمين لمحكمة الجنايات الكبرى والجنايات العادية وحتى للمدعين ومحكمة بداية الجزاء وصلح الجزاء في مختلف محاكم المملكة إلى المحكمة، قد يحتاج إحضار المتهم أو المتهمين أحيانا أكثر من عشرة أو خمسة عشرة جلسة، وكل ذلك يتطلب مرافقة قوة أمنية من الشرطة وسيارة حراسة وسيارات نقل للمتهمين وإحضارهم إلى قاعة المحاكمة وقفص الاتهام ومن ثم عملية إعادتهم إلى مراكز التأهيل للسجون وعمليات الاستلام والتسليم وفي بعض الأحيان يحصل مشاكل ما بين المتهمين والشرطة وحالات فرار واعتداء على الشرطة أحيانا وجرائم قتل...الخ. وأحيانا يؤدي تعطيل مركبة النقل او عدم إحضارهم إلى تعطيل جلسة المحاكمة وتأجيل الجلسة وأحيانا يكون مهم جدا إحضارهم وخاصة في حالة صدور الأحكام وسماع الشهود، مما يؤدي إلى تعطيل الجلسات وتأجيل وإطالة أمد الدعوى والفصل بالقضية وإصدار الحكم.
- المحاكمة عن بُعد، يتطلب توفير الضمانات الأساسية والجوهرية للمحاكمة العادلة وحق الدفاع المقدس وحق المتهم بالدفاع عن نفسه وإحضار شهوده، فالأصل أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته وأن تقام البينة في الجنايات والجنح بجميع طرق الإثبات وأن يحكم القاضي الجزائي حسب قناعته الشخصية والوجدانية، وإذا لم تقم البينة على الواقعة فإن على القاضي إعلان براءة المتهم أو الظنين أو المشتكى عليه من الجريمة المسندة إليه بحكم قطعي.
- إن إقرار المشروع في المحاكمة عن بُعد هو تجربة حديثة نأمل لها النجاح والتوفيق في التطبيق العملي وإن الجميع معني في تطبيقها وإنجاحها، لما لها من ميزات توفر على الجميع الوقت والجهد وإن ظهر خلل و/أوعيب في الإجراءات القانونية فإنه يمكن تعديل قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (9) لسنة (1961) وتعديلاته، في المادة (158) التي تنص: ((يجوز للمدعي العام أو المحكمة استخدام التقنيات الحديثة في إجراءات التحقيق والمحاكمة دون المساس بحق المناقشة، وبما في ذلك محاكمة النزيل عن بُعد من مركز الإصلاح والتأهيل المودع به على النحو المبين في النظام الذي يصدر لهذه الغاية)).
- فقرة (3) (تخضع الأدوات المستخدمة في التقنية الحديثة بما في ذلك الأشرطة والأقراص المدمجة لإجراءات الحماية المقررة للحفاظ على سريتها وخصوصية الشاهد أو النزيل).
- هذا المشروع خطوة رائدة في القضاء الأردني الحديث، وهو مستخدم في دول أوروبا وأمريكا وبعض الدول العربية، وإننا كمحامين مختصين في قضايا الجنايات الكبرى والجنايات العادية والقضايا الجزائية نأمل تطبيقه من حيث البدائية على قضايا الجنايات الكبرى في محكمة الجنايات والجنايات العادية ومحكمة أمن الدولة حتى نتمكن من قياس مدى نجاح التجربة وتوفيرها للوقت والجهد والنفقات وحماية أمن المجتمع والقضاة والمحامين والشهود وأطراف القضية.
- ونأمل من كل الأطراف المعنية في تطبيق المشروع وتنفيذه التعاون مع وزارة العدل وإدارة مراكز الإصلاح والتأهيل (السجون) ومديرية الأمن العام والمجلس القضائي والقضاة والمحامين في إنجاح هذا المشروع في استخدام التقنية الحديثة وخاصة وسائل الاتصال والتكنولوجيا لما له من توفير الحماية للشهود وخاصة في قضايا القتل والعرض والأطفال وتطبيق القانون على هذه القضايا كمرحلة أولى.