ترك رئيس الحكومة الفلسطينية، محمد اشتيّة، خلفه في عمّان الأسبوع الماضي ،انطباعات إيجابية قوية وسّعت في مساحات القراءة الصحفية المستقبلية للعلاقات بين الدولتين والشعبين الشقيقين على جانبي نهر الأردن.
في ختام زيارته على رأس وفد اقتصادي كبير، جرى التوقيع على ثلاث مذكرات تفاهم في مجالات الطاقة والنقل والصحة، مع ترتيبات تجهيزية لربط البنى التحتية على مستوى الحياة اليومية للناس، بما في ذلك إقامة مناطق تجارية صناعية محايدة على الحدود.
الأهمية الاستثانية لهذه الترتيبات البنيوية مع الاردن، تتمثل في أن القيادة الفلسطينية تريدها بديلاً عن شبكة العلاقات الاقتصادية الفلسطينية مع اسرائيل، وهي التي كان المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية قرر وقفها، هي والتنسيق الأمني مع تل أبيب.
على المستوى الرسمي كان الترحيب الأردني عالياً بهذه الترتيبات التي تشكل جزءاً من نهج أردني مستديم، بالدعم والرعاية للتوأم الفلسطيني.
ومثله على المستوى الصحفي الذي تيسّرت له فرصة الاقتراب من رئيس حكومة فلسطينية رأى فيه سعة أفق سياسية تثريها أهليّة اقتصادية تنموية أخذت مداها في المسؤوليات التي تولاها اشتيّة طوال السنوات الماضية في مجالات الأشغال والإسكان والتنمية والإعمار.
ولأن موضوع المصالحة الفلسطينية الصعبة ، بين فتح وحماس، وما يتصل به من دعوات لانتخابات تشريعية ورئاسية للسلطة الوطنية، موضوع حيّ ومستحق، فإنه يُجدّد هذه المرة الحكي في قضية خلافة الرئيس محمود عباس، تجدد الحديث وتوسعت دائرة المرشحين أو المحتملين لخلافة أبو مازن، بضم اشتيّة لها.
في السابق كانت التقارير الصحفية والإعلامية تتداول لخلافة عباس (84 سنة) بعد عمر طويل، حوالي ستة أو سبعة أسماء رئيسية، تتكرر فيها أسماء قيادات فتحاوية مثل جبريل الرجوب ومحمد دحلان. وبدخول محمد اشتيّة (مواليد 1958 في قرية تل شمال فلسطين ) تحت الكاميرات الرئيسية، فقد أضحت التقييمات السياسية والإعلامية تُدرج الاقتصاد والتنمية والبنية الأساسية، لفلسطين وما يجاورها، ضمن الاعتبارات الترجيحية التي تعتمدها الأطراف الدولية والإقليمية في رضاها أو معارضتها لمرشحي الرئاسة الفلسطينية.
جاريد كوشنر مستشار الرئيس الأمريكي والموكل بالترتيبات المستقبلية التي تريدها واشنطن، وترفضها وتقاطعها السلطة الفلسطينية، كرّر في غير مناسبة أنهم في الإدارة الأمريكية يريدون جيلاً جديداً من القيادات الفلسطينية أولوياته اقتصادية ونهجه تعددي. وهي مواصفات نظرية لا تعني بالنسبة لأولويات الفلسطينيين أو لأي من الدول العربية أكثر من كونها ملاحظات فائضة عن الحاجة في ملّف موضوع على النار، وهو "صفقة القرن" المريبة التي لا يُعرف منها حتى الآن سوى جزءها الاقتصادي الموصوف بأنه "الجزرة" المسمومة.
موضوع خلافة عباس ، بعد عمر طويل ، قضية إعلامية مستحقة الطرح، حتى وإن اعتبرها بعض السياسيين حساسة أو محرجة.