قال تعالى في محكم كتابه العزيز ( الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى وإتقون يا أولي الألباب ) صدق الله العظيم .
نستحضر هذه الآية الكريمة بمناسبة إقتراب موسم الحج ، بأعتبارها كلام الله العظيم جل جلاله والتي تحدد بما لا يقبل الإجتهاد شروط أداء الفريضة العظيمة كما يجب أن تكون ، بعيدا عن أية ممارسات خارجة عن هذا الإلتزام الذي لا يصح حج إمرئ بدونه .
هذا يعني أن الحج عبادة ينشد الحاج منها الغفران التام لكل الذنوب والمعاصي ، والإستبشار بجنة عرضها كعرض السموات والأرض أعدت للمتقين المؤمنين بالله العلي العظيم حق الإيمان .
وعليه ، فالحج عبادة تؤدى بسكينة وهدوء ووقار ومناجاة روحانية خالصة مع الحق سبحانه طلبا لرحمته ومغفرته ، وهذه أجواء وجب أن يحرص كل حاج على الإلتزام التام بها ، وإلا فحجه مجرد تعب ، والرسول صلوات الله وسلامه عليه يقول : من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع من حجه كيوم ولدته أمه . أي متحللا من ذنوبه مهما كانت .
تحرص السلطات الرسمية في السعودية الشقيقة ومواطنوها الكرام ، على تقديم أقصى ما يمكن من التسهيلات والرعاية والخدمات لضيوف الرحمن حجاجا ومعتمرين على مدى كل عام ، ويظلم حظه من حج ولمس وعاش وشاهد حجم ما يتحملون من مشاق في سبيل ذلك إن هو أنكر أو تنكر لهذه الحقيقة ، ولقد كنت في سنوات خلت واحدا ممن وقفوا على هذه الحقيقة ، ولست أخال أن دولة على وجه الأرض بمقدورها إستقبال الملايين من المسلمين من شتى أرجاء المعمورة ومن مختلف الأعراق والأعمار واللغات وطرائق التفكير ومستويات التعليم وفي وقت واحد ومكان واحد ، وتنجح وبإمتياز في رعايتهم رعاية كاملة طبيا ومعيشيا وتوفر لهم كل أسباب الراحة ومختلف التسهيلات لأداء الفريضة على أكمل وجه .
هذا جهد جبار وجب أن تشكر عليه الدولة السعودية ومواطنوها الأفاضل الذين يتسابقون في فعل الخيرات خدمة للحجيج خالصة لوجه الله ، شكرا كثيرا ، وأن يحرص كل حاج جاء طلبا للمغفرة التامة على ان لا يبطل حجه ويفسد حج غيره من خلال تصرفات في القول والعمل تخرج الفريضة عن سياقها السليم الذي يريده الله جل في علاه .
قلتها سابقا وأقولها اليوم ثانية ، الحج عبادة أساسها السكينة والسلام والهدوء والوقار ومناجاة الخالق سبحانه ، وليس سياسة أو إستغلالا للحج في ممارسة السياسة ضد هذا أو ذاك أبدا أبدا ، فلا خصومة في الحج وإنما وئام وسلام تام ، والحج ليس مناسبة للبيانات والإحتجاجات وما شابه من ممارسات ليس من شأنها سوى تعمد إفساد الحج والتعدي على حق الملايين الذين يتجشمون عناء السفر ومشقته في توفر أفضل الظروف السلمية العبادية الروحانية لأداء حجهم . فذلك شأن لا يقره عرف ولا الدين ولا خلق الحاج الذي جاء لأداء فريضة عظمى .
مرة ثانية ، الحج صلاة وتعبد وإستغفار وإبتهال إلى خالق الكون جل جلاله ، ومؤكد أن ألأشقاء في المملكة العربية السعودية يبذلون جهودا مضنية جدا لضمان حج مريح تتوفر شروطه الربانية لكل من جاء حاجا ، أما من جاء غافلا عن هكذا شروط أو قاصدا إحداث فوضى ، فليعلم أن عقاب الله شديد شديد ، وأن لا عذر له يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم . والله من وراء قصدي .