لا شيء يقلق المواطن الأردني هذه الايام اكثر من الاوضاع الاقتصادية. الكل يتساءل فيما اذا كان هناك تحسن او تغير على الوضع الذي أنهك اقتصاديات الاسر وأتى على مدخراتهم. في جنبات البلاد هناك مظاهر جديدة للفقر ومشكلات اجتماعية متعددة بعضها لم نألف مثله في العقود الماضية.
انماط جديدة من الاحتيال والتزوير والنصب والتسول. وقصص كثيرة عن مشاريع وهمية يبتدعها البعض من اجل استمالة بعض اليائسين ممن تلاشت دخولهم وزادت مصاريفهم. ألوان جديدة من التسول تحت غطاءات العمل الخيري ومساعدة الفقراء وعبث بالاوراق والوثائق الرسمية من اجل الوصول إلى المال.
التصريحات الحكومية الاخيرة تشير إلى بداية تحسن اقتصادي. ربما هي المرة الاولى التي تتحدث فيها الحكومة الحالية عن حدوث تحسن في المؤشرات الاقتصادية. في مرات سابقة قالت حكومة النسور بأنها حاصرت البطالة وحدت من ارتفاع ارقامها لنجد ان ذلك لم يحدث الا في تقاريرها وحساباتها.
هذه المرة تطل علينا وزيرة الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة ذات الخلفية الاقتصادية في مناسبات عديدة لتقول بوجود مؤشرات على بداية خروج الأردن من الأزمة دون التوقف كثيرا عند التفصيلات التي قادت الحكومة إلى هذا الاستنتاج.
ايا كانت الاحوال الحقيقية للاقتصاد الأردني فإن التصريح يبعث على التفاؤل الذي يحتاج له المستثمر والتاجر والمواطن على حد سواء. في الشارع الأردني وبالرغم من الحديث المتزايد عن نقل البعض لاستثماراتهم إلى مصر وتركيا يوجد شعور لدى البعض بتغير طفيف في سوق العقار واقبال على الشراء وتفاؤل حذر بإمكانية تغير الاوضاع الاقتصادية للافضل.
على الطرق المؤدية إلى البلدات والقرى المجاورة لعمان يشير الكثير من اصحاب الاكشاك التي تدلل على الاراضي إلى تزايد المراجعين لهذه الاكشاك وتكرار اسئلة الناس عن الاسعار فيما يشبه حالة التململ دون تحسن ملموس على عدد البيوعات المسجلة.
بعض تجار مواد البناء والخردة والمحاجر يشيرون إلى وجود تحسن طفيف على بيوعاتهم. هناك من يعزو التغير لوجود الحراك السياسي في الاقليم في حين يرى البعض الآخر ان ذلك مرتبط بدورة الاقتصاد ووصول الاوضاع إلى مستوى لا يسمح بمزيد من التدهور.
التوافق الكبير بين الموقف الأردني والفلسطيني حيال صفقة القرن والانخفاض النسبي للاقتتال في سورية وامكانية تطور العلاقات التجارية مع العراق واعادة العلاقات الدبلوماسية إلى سابق عهدها مع قطر عوامل مهمة في رفع مستوى التفاؤل لدى البعض وتخليص الناس من حالة اليأس التي استفحلت في الاشهر الاخيرة.
الحكومة تشير إلى وجود امل في تطوير مصادر الطاقة بعد احياء عمليات الحفر والتنقيب عن البترول والغاز وتتحدث عن تحقق نمو في القطاع السياحي وتحسن في تسويق بعض المنتجات الزراعية وزيادة طفيفة في اسعار اسهم الشركات الصناعية والخدمية الاخرى لكن كل ذلك لم ينجح في رفع نسبة النمو فوق حاجز الـ2 %.
ما لم يتجاوز النمو النسب المتوقعة ويخترق حاجز الـ2 % فلن يقتنع الشارع بتوقف حالة التدهور التي اتخذها.
اليوم وبعد مرور سنوات على حالة الركود او التدهور الاقتصادي وبعد ان نجحت البلاد في التكيف النسبي مع حالة تلاشي المساعدات العربية والحصار الاقتصادي يتطلع الأردن إلى علاقات عربية صحية تمكن المقاول الأردني من العمل في مشروعات الاعمار العراقية وانسياب اسهل للبضائع عبر الاراضي السورية وتسهيلات امنية تسمح للمرضى العرب بالتداوي والاستطباب في المشافي والعيادات الأردنية.
تحتاج الحكومة الأردنية إلى جلسات طويلة لمراجعة المعوقات والعوائق التي حالت او حدت من استثمار الامكانات والموارد الأردنية ووضعها في خدمة اقتصادنا بدلا من التفكير الامني الذي أسقط الكثير من المخاوف على السياسات التي اضرت بالاقتصاد وانعكست على نوعية الحياة.
الغد