الموازنة والهدر و"حراث الجمال"
15-10-2009 12:15 PM
لا يحتاج المرء لأن يكون خبيرا اقتصاديا لكي يكتشف أن عجز الموازنة الذي بلغ هذا العام 1.1 مليار دينار هو نتيجة هدر رهيب في الأموال.
فالتسيب الذي استمر لسنوات عديدة وعدم الالتزام بضبط النفقات الجارية والطارئة والتغاضي عن القرارات التقشفية التي تم العودة عنها خلال أشهر قليلة بعد صدورها -مثل تبديل السيارات الفارهة بمركبات صغيرة وضبط نفقاتها والذي صدر قبل أربع سنوات- هي أساس المشكلة.
الرقم المتداول حول تكلفة السيارات الرسمية هو 86 مليون دينار في السنة، باستثناء سيارات أمانة العاصمة. والآن قررت الحكومة ضبط النفقات وخاصة إلغاء أو دمج بعض المؤسسات والهيئات.
ويأتي هذا القرار المفاجئ في إطار القرارات الشعبية التي تؤخذ على عجالة علما بأن الحكومة التي تقرر اليوم إلغاء الهيئات هي ذاتها التي أنشأت قبل عدة أشهر مجلسا جديدا.
بالرغم من الترحيب بالحد من الهيئات والمجالس إلا انه على أي حكومة في المستقبل أن تسبق أي قرار بإنشاء أو إلغاء أي مؤسسسة بدراسة معمقة وموسعة لأن المواطن بدأ يرى أعمال الدولة مثل "حراث الجمال".
لاداعي للقول إنه من الأجدر أن نبدأ بمواجهة القضايا الجوهرية إن أردنا أن نصل إلى حل جذري.
فإنفاق السيارات قد يتقلص من 86 مليون دينار سنويا إلى 40 مليونا ضمن الإجراءات الجديدة وذلك من شبه المستحيل، ودمج الهيئات قد يشكل توفيرا لكنه لن يكون كبيرا لأن غالبية الموظفين سيعاد تكليفهم في أماكن أخرى.
الأهم هو النظر لهدر الأموال عن قرب، والسؤال على سبيل المثال لماذا تصبح مديونية أمانة العاصمة أكثر من 80 مليون دينار بينما كانت من أغنى المؤسسات؟ حيث دخلت خزينتها أموال هائلة مع مرحلة الوفرة التي مرت خلال السنوات الماضية.
فالأمانة أيضا أنشأت هيئات واستعانت بخبراء أجانب كثر ولا نعلم حتى اليوم إن كانت ستحذو حذو الحكومة بترشيد الإنفاق. وهل يتم صرف الأموال في الأوجه السليمة والضرورية وهل يتم تعظيم المردود و الالتزام بالأولويات؟.
هل يعد بناء دار أوبرا أو تقاطع على طريق المطار بكلفة 22 مليون دينار أو استملاك أراضي عديدة على سبيل المثال، من الأولويات في هذه المرحلة الحرجة؟.
هذه الأمثلة والعديد من الأمثلة الأخرى يجب أن تطرح بشفافية ووضوح.