خلافات الاسلاميين: آثار تتجاوز التنظيم
سميح المعايطة
15-10-2009 07:47 AM
لعل من واجب قيادة الحركة الاسلامية ان تدرك حجم الخسارة والأثر السلبي لما يجري داخل الحركة من خلافات وتبادل للاتهامات التي وصلت كما نقرأ ويقرأ الجميع الى حد اتهام المراقب العام للجماعة بتجاوزات مالية وادارية، وهذا ما ورد في بيان سبق واصدرته المجموعة المستقيلة من المكتب التنفيذي.
والجانب الذي يجب الانتباه اليه هو الصورة الشعبية وتأثير الخلافات التي وصلت كما اشرت الى اتهامات سلوكية ماليا واداريا على الرسالة التي تتبناها الحركة وبخاصة لدى عامة الناس، لان الشخص العادي عندما يقرأ عن خلافات وتنازع واتهامات سلوكية تصدر من داخل الجسم القيادي فانه سيسحب موقفه على قطاع المتدينين وسيتحول الخلاف السياسي الداخلي الى اساءة للفكرة؛ فالناس تتعامل مع الحركة على انهم الشيوخ والوعاظ والخطباء، ولهذا فعندما تتكاثر الخلافات وتصل أشكال الاتهامات الى ما وصلت اليه فان الناس ستبني قناعات سلبية ليس من فلان او علان بل من قطاع المتدينين وما يتحدثون به ويعظون الناس بتركه او قبوله.
الدين لا يعبر عنه الا الممارسة السليمة لتعاليمه، اما الممارسة الخاطئة فهي إدانة لصاحبها أيا كان. والحركة ليست الاسلام بل هي تنظيم وحزب يتبنى افكارا اسلامية ويدعو اليها وفق اجتهاده، لكن الرأي العام يبني انطباعاته ليس وفق ما سبق بل يعمم الأحكام. ولهذا لو رأى الناس إمام مسجد يأكل سندويشة فلافل في الشارع للحق به وبكل قطاع المشايخ التعليق من البعض، مع أنها ممارسة فردية قد يمارسها اي شخص منا لكننا لا نتقبلها لموقع الامام. وعلى هذا فان الناس تعمم احكامها وبخاصة اذا كان مسارا من قيادات لتنظيم اسلامي عريق بل الاكثر حضورا وتاريخا. والناس منذ عدة سنوات لا تغيب عنهم اخبار الخلافات وتبادل الاتهامات بل ان مرور الزمن زاد الخلافات تعقيدا وتجذرا. وكان الناس يعتقدون في مرحلة انها خلافات عادية في وجهات النظر وأن الاعلام يستغلها ويضخمها، لكن الاستمرار في الخلافات وتوسع آفاقها ووصولها الى مرحلة تبادل الاتهامات السلوكية بل والاستغلال للإعلام من قبل الاطراف المتنازعة وسعي كل طرف لكسب معركته الإعلامية؛ كل هذا جعل القناعة كبيرة بأن الأمر حقيقي وخطير وان الامر ليس كما تحاول بعض القيادات قوله من أنها خلافات صحية بل اكثر من ذلك، لان بعض من يقولون هذا يعودون لتسريب تصريحات وأخبار على لسان مصادر مطلعة.
الحركة الاسلامية شأن عام مثل عمل الحكومات وكل مؤسسات الدولة، وأمورها تخص الكثير من المتابعين، فاذا كانت الحركة عاجزة عن حل خلافاتها فعلى الاقل ان تدرك ان جزءا مما يجري يترك اثارا سلبية على قناعات الرأي العام تجاه الفكرة التي تمثلها او تحملها الحركة وهذا اهم من كل التفاصيل الداخلية، فلا تظلموا الفكرة ولا ما تدعو اليه الحركة في علاقاتها مع الناس؛ لان عامة الناس لن تتحدث عن فلان او علان بل عن " الشيوخ " او الاسلاميين وربما عن الفكر الذي يحملونه، فان كان لديكم إصرار على مزيد من الخلافات فليكن معلوما ان الآثار السلبية تجاوزت حتى التنظيم الى الفكر، رغم ان الاسلام يمثل نفسه لكن من يقدم نفسه حاملا للدين فعليه ان يقدم النموذج، اما ما يجري فانه قد خرج بالأمور الى مساحة لا يمكن قبولها من العقلاء.
مؤسف ما يجري لكن ما هو أكثر أسفا ان يذهب المتخاصمون الى مرحلة يتجاوز ثمنُها الحركةَ وصورتها الى آثار على الفكرة والفكر الذي تدعو اليه.
sameeh.almaitah@alghad.jo