لماذا التربية الإعلامية إذاً؟
سليمان الطعاني
10-07-2019 06:59 PM
فيما تعاني الجامعات الأردنية خصوصاً كليّات الإعلام من قلّة المساقات الجامعيّة التي تطرح مفهوم محو الأميّة الإعلامية أو التربية الإعلامية والتوعية بأهمية إثارتها، نراها تكتفي فقط بمحاضرات قليلة من الكتابة التحليلية حولها، فيتخرّج طلبة إعلاميون لديهم شحّ في فهمها، إضافة لقلّة إدراك المحاضرين الجامعيّين بأهمية تسليط الضوء عليها، والتزامهم بالخطة الدراسية الموجودة منذ سنين طويلة دون تطويرها أو إضافة بعض المواد اللازمة مع تقدّم المجتمع وتعدّد مشكلاته.
لماذا لا يتم طرح موضوع التربية الإعلامية بزخم أكبر في جامعاتنا خاصة في الوقت الحاضر؟ ما هي مبررات عدم الاهتمام بهذا الموضوع سيما ونحن مطالبون الآن أكثر من أي وقت مضى بفهم واستيعاب الثقافة الإعلامية وطريقة عمل الاعلام والاعتراف بقوته وتأثيره وفهم لغة الصوت والصورة للارتقاء بعقل الطالب وقدراته التحليلية ليتمكن من التحكم في المحتوى الذي قد يظهر له من كل حدب وصوب، وليصنع ذلك المحتوى أيضاً... مطالبون بغرس الوعي لدى الشباب بمختلف القضايا التي تؤدي الى انخراطهم في قضايا مجتمعهم وتنمية قدرتهم على التعبير الصحيح تجاهها، مساهمين وناقدين ومنتجين للمواد والرسائل الاعلامية بدلاً من أن يكونوا متلقيين سلبيين،
لماذا التربية الإعلامية إذاً؟ للتعامل مع حالة النشاز المعلوماتي الحاصل والفوضى المعلوماتية بشكل عام والتي أدت الى قلة الوعي بمختلف القضايا بين فئة الشباب وقلّة انخراطهم في قضايا المجتمع. الفكرة باتت ضرورة ملحّة وهدف عاجل في ظل الأمية الإعلامية المتفشية عند الشباب واستجابة للنسبة المتزايدة للاستهلاك الإعلامي الذي نعيشه، ونمو صناعة الإعلام وأهمية المعلومات وتدفقها على مدار الساعة.
ضرورة، في ظل انتشار الأخبار الهائل وبشكل غير مسبوق، والتطبيقات الهائلة التي أصبحت بمتناول الجميع صغيراً وكبيراً، والتي من شأنها أن تؤثّر بشكل ملحوظ على وعي الأفراد في القضايا المختلفة خاصّة أولئك غير القادرين على تحليل ما وراء نشر هذه الأخبار سواء أكانت مكتوبة أو مسموعة أو مصوّرة.
ضرورة، من أجل تدريب الأفراد وإكسابهم مهارات القدرة على إبداء وجهات نظر نقدية فيما يقدم لهم عبر وسائل الاتصال، وتشجيعهم على النقد ومساعدتهم على حسن التمييز بين الحقيقة والزيف، ومساعدتهم على تكوين شخصية مستقلة ومتلقٍ نشط قادر على التقييم والاختبار.
ضرورة، في ظل افتقار وسائل الإعلام للتحليل الصادق، وعدم عرض القضايا من وجهات النظر جميعها والذي ساهم في إيجاد أميّة الإعلامية لدى الكثير من افراد المجتمع
محو الأمية الإعلامية، ضرورة كونها تعنى بكيفية تلقي الرسائل الإعلامية وتحليلها وتفسيرها ونقدها دون التأثر بها، المصطلح بات علماً له مفاهيمه وقوانينه وآلياته، ويشمل أفراد المجتمع من مختلف الفئات، ويركز على أهمية التفكير النقدي، وتمكين المواطن رقمياً.
ضرورة، لمواجهة التحديات التي يواجهها المواطن في العالم الرقمي الحديث، من خلال نشر مبادئ وضوابط تساعده على التصدي لما تبثه وسائل الإعلام من رسائل سلبية تهدم لا تبني، تفرق ولا تجمع. وخلق بيئة إعلامية ناضجة، وإعطاء متلقي الرسائل الإعلامية الإمكانيات والأدوات التي تمكنه من الحكم على كل ما يراه بطريقة إعلامية صحيحة واعية.
كليّات الإعلام في الجامعات مدعوة في ظل هذه الظروف لتبني بيئة إعلامية واعية بموضوع التربية الإعلامية وضرورتها وتسليط الضوء عليها وإعطاء الطلبة الإمكانيات والأدوات التي تمكنهم من الحكم على كل ما يتلقونه بطريقة إعلامية صحيحة واعية لنزع فتيل الأخبار الوهمية والاشاعات وزيادة المعارف في الجوانب التحليلية والنقدية للنصوص الإعلامية وتثقيفهم إعلامياً لمواجهة أيديولوجيّات الفساد والجشع والكراهيّة، وتعميم مبادئ العدالة الاجتماعية المساواة. فاذا كنا نعانى في الماضي من أمية القراءة والكتابة فإننا اليوم أصبحنا فريسة لأكبر عملية مسح للعقول والنفوس عبر أميّة إعلامية علينا أن نواجهها جميعاً ونعرف معناها ومغزاها ومدى خطورتها تجاه أجيال من الشباب يكبرون يومياً تحت تأثير وسائل إعلام مضلّلة.