لتحيا تونس الخضراء في مجد على الزمن ... نعم لتحيا وتدوم بأذن الله أمنه مستقرة عصية على الطامعين المتربصين عصية على الإرهاب وعصية على كل اللذين يكيدون لها المكائد .. ولتكن قلاعها الشامخة على كافة السواحل التونسية مرفأ لكل الباحثين عن الأمان ترتسم عليها ضحكات شفاه أطفالهم دائماً .. نعم تستحقين الأمان يا تونس الخضراء يا حره .. نهدي لك كل صباح ألف قبلة ووردة ولكل الساهرين على أمنك واستقرارك ...
في الحمامات تحديداً هبطنا بعد الوصول من المطار حيث كانت الإقامة الجميلة التي نرغب أن تطول مع طوال العمر والزمن التي تزين فناءات بيوتها أشجار البرتقال والليمون، وتعبق في أرجائها رائحة الفلّ والياسمين. ... نرقد مساءً على صوت البحر ونفيق كذلك .. يشدك الحنين لبياض لون بيوتها الذي يدل على طيبة قلوب أهلها في التعامل والتلطف والكلام الدافئ والتصرفات الرزينة وهي دلالة واضحة للبحر وأبوابها ذات اللون الأزرق التي تبعث في نفس الزائر شعوراً من الفرادة والراحة .. هنا حيث الماء والخضراء والوجه الحسن ... الماء حينما تكون الشواطئ من أنظف الشواطئ على مستوى العالم بما رأيت بأم عيني خلال الإقامة على مدى شهري جوان وجوليو ونظراً لأن الحمامات تزخر بمواقع جميلة جداً ومنها القلعة المطلة على شواطئ الأبيض المتوسط وبيوتها العظيمة ذات العبق التاريخي وتتوه في حنايا وزوايا أزقتها في المدينة القديمة تذهل للمرة الأولى وهنا نشير إلى النظافة فهي ركن أساسي وشئ جميل ويبرز معالم المدينة كيف لا وتخطيطها العمراني وأرصفتها تمتد على طول الطريق المؤدي إلى السواحل بمساحات شاسعة وكبيرة ومتوفر فيها جميع الخدمات للمصطافين والزوار والسياح من شتى أنحاء الأرض فهم يستقبلون الناس بدفء تعاملهم وتعاونهم كل ذلك بمتابعة وتفقد سي المعز مراد رئيس بلدية الحمامات صاحب الابتسامة والخجل في آن الذي يؤدي الأمانة بصدق معهود وبشكل فاعل فهو باهي ودائم التفقد لأحوال لعباد ، وإذا ما جلست عشية على البحر فأنك تستشعر الحميمية العالية في الأسرة لديهم فالماما هي عمود البيت والآباء أشخاص طيبون أخذو من الحياة ثقافتها ومن البحر الصبر فلديهم مكنوز ثقافي تراثي عالي تخرجوا من جامعات عريقة وهنا أود أن اعرج إلى أستاذي البروفيسور يوسف بن رمضان وللمرأه عندهم مكانة خاصة فهي تعمل في شتى أنواع المهن وتشارك رجلها هموم واحتياجات الأسرة ، ويعتد بها ويعتمد عليها كيف لا وهي شريكة الرجل في العيش المشترك وتأمين متطلبات الحياة مثل الخضارة نعيمة ..
أن للحمامات التونسية صبغة خاصة من جميع النواحي والطقس فيها يختلف تماماً عن المدن الأخرى لأن الأجواء أثناء الشروق الغروب في قهوة سيدي بو حديد تشبه السحر وجلسات الحوارات الاجتماعية لمرتاديها التي تمتد هنا وهناك وصوت الموج ينادي كل الباحثين عن السكينة والهدوء أيجي أيجي .. وعزمي الصياد الذي عجزت الصنارة والصبر معاً على صبره فهو قضى أربعون عاماً يحاكي البحر وأمواجه ، وعندما يتفرد موغلي الأشبه بخلية النحل في العشية بصناعة الآيس كريم والحلويات ويقدم لمرتاديه من زوار البحر ما لذ وطاب ، وعند دوار جوليا تشعر بالجوع فتيمم نحو التحرير ويقابلك هيثم بابتسامة الترحيب والمحبة لأن لنكهة الكسكسي والحوت طعم عجيب هناك ، ولنهج الجديدي الذي يجمع ما بين الحداثة والأصالة رمزية لراحة البدن كيف لا والعم زهير يتفقدك صباح وعشية .. وبمحاذاة سبيطار سائق لواج يسأل ربي الرزق مع الفجر وأنت تهبط نحو تونس لتشاهد الجبال الشاهقة وقد كساها الخضرة لتريحك من عناء السفر ولا تشعر بالملل ، وأشجار الزيتون وكروم العنب الممتدة ما بين الحمامات وتونس العاصمة في دليل واضح انك في تونس الخضراء ، كل الاحترام والتحية لهذه المدينة التي تعد رمزاً للعراقة والأصالة بكافّة أبعادها، وأهلها الطيبين لأنها مقصدٌ لكل طالبٍ للراحة ، وكلُّ باحثٍ عن السكينة.