facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




لو كنــتُ من مـــــازن!!


سليمان الطعاني
08-07-2019 12:11 PM

يروى أن جماعة من بني ذهل بن شيبان أغاروا على الشاعر (قريط بن أنيف) فأخذوا له ثلاثين بعيراً، فاستنجد قومه فلم ينجدوه. فأتى على بني مازن التميميين، وكانوا أصحاب بأس ونجدة، فركب معه نفرٌ منهم فاستاقوا من إبل بني ذهل مائة بعير دفعوها إليه، ثم خرجوا معه حتى أوصلوه إلى قومه موفوراً، فمدحهم لصنيعهم هذا، وعيَّرَ قومه بضعفهم وذلهم!! وقال:

لو كنتُ من مازن لم تستبح إبلي
بنو اللّقيطة من ذهل بن شيبانا
إذن لقام بنصري معشرٌ خشنٌ
عند الكريهة إن ذو لوثةٍ لانا
قوم إذا الشرُّ أبدى ناجذيه لهم
طاروا إليه زرافاتٍ ووحدانا
لا يسألون أخاهم حين يندبهم
في النائبات على ما قال برهانا
لكنّ قومي وإن كانوا ذوي عدد
ليسوا من الشرّ في شيء وإنا هانا
يجزون من ظلم أهل الظلم مغفرةً
ومن إساءة أهل السوء إحسانا
كأنّ ربّك لم يخلق لخشيته
سواهم من جميع الناس إنسانا
فليت لي بهم قوماً إذا ركبوا
شنّوا الإغارة فرسانا وركبانا

ونحن نقرأ الأبيات الثمانية لهذا الشاعر يتأكد لنا أن هذا اللون من الشعر يتسم بالتجديد ليبقى حيّاً برغم اختلاف المكان والزمان والتفاصيل. وهذا ما دفعنا إلى قراءة هذه الأبيات كأنها تتحدث عن حالنا هذه الأيام.

لله درك أيها الشاعر، أقمت الدنيا ولم تقعدها فقط لأنهم سلبوك ثلاثين بعيراً، فماذا عساك تقول لو كنت بيننا ورأيت كيف تسلب الأوطان، والثروات، وتنهب الأموال والمقدرات،

لله درك، وأبياتك تمتلئ بمخزون العزة والإباء ورفض الظلم والحث على دفعه وعدم الخنوع له. وكأني أتصورك تلوم قومَك وتقول: ياللتعاسة ضاقت عندكم نجدتي، وضاع حقي بين الغدر والخون، فنُحْت مع قلة الخيل والعُدَد، لو كنتُ من مازن لم تُسْتَبَح إبلي.

كم هناك في أيامنا من يتمنى لو كان من مازن؟ حتى لا يهضم حقه في الوظيفة، وحتى لا يذهب دوره في الترقية، وكم وددتُ لو أنني من "مازن" لكي اقوم بواجبي كاملا نحو وطني دون نفاق أو تملق، وأن أحصل على فرصتي في الحياة،

في مؤسساتنا وإداراتنا، يا لكثرة مَنْ يستنجدون، ولا “مازن" يسمع لهم، يدافع عنهم ويطالب لهم بحقوقهم، فضاعت حقوقهم وظلموا وهم يرجون من ظلم أهل الظلم مغفرة ومن إساءة أهل السوء إحسانا، تأخرت حياتهم لأنه لا "مازن" لهم، تجرّعوا من الظلم ألوانا، ومن الهمّ أصنافا،

أن يؤكل حقك لأنه لا "مازن" لك في المؤسسة أو الإدارة التي تعمل بها شيء مؤلم ونذير شؤم وخراب، يهدد هذه المؤسسة وقبل كل شيء نذير وبال على الظالم وزبانيته ومن يدور في فلكه ويزين له الظلم وهضم الحقوق، هذا الظالم الذي عشق أن يعيش في الظلام، ولا يرى النور ولا يأبه به.

في مؤسساتنا الوظيفية، هذا محسوب على ذاك، وذاك محسوب على هذه، وتلك على عطوفته وهؤلاء محسوبون على دولته، وهذه محسوبة على معاليه، وهكذا دواليك...، يتمتعون بالرواتب العالية، والسفرات التي تدر لبناً وعسلاً، والحظوة الكبيرة عند رئيس المؤسسة، لهم جلال، يكاد فؤاد أحدهم يطير من شدة الحظوة والتمييز، قليلة ذنوبهم، وهي جَمَّة، إذا تكلموا بالخطأ قالوا لهم أصبتم، ويبصمون على أقوالهم.

الذين لا "مازن" لهم يسندهم في مؤسساتنا الوظيفية، عزائمهم خائرة، لا يستطيعون ان يطالبوا بحقوقهم، فهي بطبيعة الحال أكلت ظلما وزورا، صمت الآذان عن سماع صرخاتهم، الإحساس بهم معدوم، الظلم باد على وجوههم والخوف يلفهم، إنهم مهددون بلقمة عيشهم، يمشون وكل شيء ضدهم، وتغلق الادارات دونهم أبوابها، تراهم ممقوتين، وليسوا بمذنبين، يرون العداوة هنا وهناك ولا يعرفون أسبابها.

صور من الظلم شتى في مختلف مؤسساتنا واداراتنا تبعث على الأسى والحزن، أزمة أخلاق، انطمس معها الحياء عند مسؤولين من سقط المتاع، ماتت معها المروءة على مذبح النفاق والتزلف، وإن لم يكن لكم "مازن" أيها القراء فلكم
الله هو نعم المولى ونعم النصير.

taasoleiman9@gmail.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :