على مر السنين لم نرى السياسة الامريكية تحمل معها الكثير من الفوضى وقلة الاتزان كما هي اليوم، السياسة الامريكية المعروفة بقرارتها المتزنة والحكيمة وأسلوبها السياسي المحنك القادر على تخطي جميع أزماتها دون خسائر.
لم نرى تخبطات سياسية وقرارات لا داع لها على الساحة الدولية من قبل. اليوم الرئيس ترامب يقوم بعكس نهج السياسة الامريكية ونهج رؤوسائها السابقين المنتخبين.
في علم السياسة والعلاقات الدولية هناك مفهوم يطلق عليه حافة الهاوية (Brinkmanship) وهي سياسة تقصد بها تحقيق مكاسب سياسية أو اقتصادية عن طريق تصعيد أزمة دولية، ودفعها الى حافة الحرب مع ايهام الخصم أنك تأبى التنازل أو الرضوخ ولو أدى بك ذلك الى اجتياز هذه الحافة الخطرة، وهذا ما تمارسه ادارة ترامب الفوضوية، تسعى من خلال هذه السياسة الى فرض سيطرتها وهي لا تعرف النتائج المحسومة.
ومن خلال قرارته التي أسميها بالقرارات المؤقتة إذ له كل يوم قرار يناقض سابقه، يعني أن اليوم بقرار وغد أو بعد غد بقرار أخر، تخبط سياسة ترامب وقرارته المنفعلة وتأثيرها على الساحة الدولية لم تعد من مصلحة أي دولة, فالتخبط أصبح سياسي اقتصادي اجتماعي.
في الفترة الاخيرة سمعنا عن القرار الأقتصادي الغريب وغير القانوني بحظر بيع أجهزة اتصالات (هواوي) بدعوى تهديدات أمنية، وهي لا تكل بصلة لهذه التهديدات، إلا أن هذه الشركة الكبيرة هي احدى مكونات الحرب التجارية المستمرة بين واشنطن وبكين والتي تدور حول الأسواق العالمية وبعد تصعيد هذه الأزمة، نرى بعد أيام تراجعه عن قرار الحظر.
الرئيس ترامب وفي خطاباته يخلط الكثير بين شخصيته وسياسته، نرى رئيس غير تقليدي لا يلتزم بتقاليد الرئاسة، وفي مضمون خطاباته لا نرى الا انفعاله وتخبطه والتحدث بأسلوب استهزاء، تخبط ادارة ترامب بتصعيد أزمات سياسية واقتصادية تقلق الكثير من الدول وخوفها من قرارته الفوضوية، فترامب يلعب عالوتر الحساس وخصوصا مع دول الشرق الأوسط.
دائما كنا نرى الادارة الأمريكية تنفذ سياساتها من خلف الكواليس لكن ادارة ترامب تظهرها بالعلن ... لكن يبقى السؤال هنا هل سنتلقى قرارت فوضوية جديدة من ادارة ترامب أم لدغة أمريكية جديدة على الساحة الدولية!!