استنكافات بالجملة عن "سكن كريم"
جمانة غنيمات
14-10-2009 11:48 AM
مرة أخرى، تتسرب أنباء حول اختلالات في تنفيذ مبادرة "سكن كريم لعيش كريم"، والخلل هذه المرة مختلف تماما، ويرتبط باستنكاف عدد كبير من المستفيدين عن استلام شققهم.
وترتفع نسب الاستنكاف، بحسب ما تقدرها مصادر في مؤسسة الإسكان والتطوير الحضري، إلى معدل 80% في بعض المواقع، فمثلا الشقق التي اشترتها المؤسسة ضمن مشروع خادم الحرمين والتي ناهز عددها 300 شقة لم يبع منها أكثر 20%، وكذلك الوحدات التي تعاقدت عليها المؤسسة مع إحدى الشركات في موقع ضاحية الزهور وعددها يتجاوز 200 شقة لم يتم بيع أكثر من 70 شقة منها.
هذه الأرقام تكشف عن خلل كبير في إدارة ملف المبادرة، وتؤكد ضعف الاهتمام بتنفيذها وفق أفضل المعايير والأسس التي تسهم بإنجاحها بعد اللغط الكبير الذي أثارته في مراحلها الأولى حول المنفذين والتنفيعات والتي تم تجاوزها وتصحيحها آنذاك، وتوقعنا حينها أن المبادرة عادت إلى برّ الأمان، إلا أن ما يرشح من معلومات يؤكد عكس ذلك تماما.
فسوء إدارة المبادرة يبدو سيد الموقف، ويعكس ذلك تجربة مواطن يقطن في نزال، حصل بموجب المبادرة على شقة في منطقة سحاب، قرار المواطن الذي عمل موظفا في القطاع العام مدة ثلاثة عقود ونيف في النهاية كان الاستنكاف عن العرض لبعد الموقع عن محل سكناه الأصلي، ومواصفات الشقة التي لم تغره بالمجازفة وانعدام الخدمات.
أيضا تؤكد المعلومات أن حوالي 259 شقة على طريق المطار، لم تؤهل المؤسسة أيا كان للاستفادة منها حتى الآن رغم انه مضى عليها أكثر من عام، ما يشي بثغرات كبيرة في التنفيذ تعاني منها المبادرة النبيلة التي كان تنفيذها وفقا لما هو مخطط لها وتبعا لأهدافها العريضة سيسهم في حل مشكلة كبيرة تعاني منها آلاف الأسر.
عوامل كثيرة تدفع كثيرين إلى التخلي عن الحلم ببيت العمر الذي طالما حلموا به، وأبرز هذه الأسباب يرتبط بالبنوك المحلية وتشددها في تقديم التسهيلات رغم الاتفاقيات التي وقعتها مؤسسة الإسكان والتطوير الحضري مع أكثر من بنك لهذه الغاية.
هذا السبب ليس بالطارئ أو المفاجئ، فمنذ الربع الأخير من العام الماضي دأبت البنوك على هذه السياسة، وفضلت إقراض أموالها للحكومة التي تسخو عليها بفوائد عالية ومأمونة تكفيها شر إقراض الناس.
أما الأسباب الأخرى التي تقتل الرغبة لدى موظفي القطاع العام بالاستفادة من هذه المبادرة فهي مساحات الشقق، حيث تتراوح مساحات الشقق بين 85 و120 مترا، وتعد هذه مساحات صغيرة للأسر الأردنية التي يبلغ متوسط عدد أفرادها 5.8 فرد، وهذه المساحة لا تكفي لتوفير بيت ملائم لهذا العدد.
أمر آخر يرتبط بالشقق له علاقة بنوعية وجودة الشقق حيث يشكو الكثيرون من تدني مستوى مواصفاتها، لناحية التشقق وسوء التشطيبات وتمديدات الكهرباء والصرف الصحي، ما يثنيهم عن التفكير بالاستفادة من المبادرة.
عظم الفكرة يحتم استمرار محاولة إنجاحها، وذلك يتطلب خطة تسويقية متكاملة تنهض بالمشروع، ويحتاج أفكارا تتجاوز العثرات المنفرة من المشروع؛ ومنها توفير خدمات أساسية كالمراكز الصحية، والمدارس، والأسواق التجارية، ووسائط النقل العام، والصرف الصحي، التي تفتقد لها المشاريع المنضوية تحت مظلة المبادرة.
الأهداف النبيلة للمبادرة تضيع وسط حالة الاستهتار وعدم الاكتراث بالأهمية الكبيرة التي يمثلها المشروع الضخم بكل تجلياته وتفاصيله، حتى وصل الحال إلى استنكافات بالجملة تثير قلقا حول إمكانية فشل إدارة وإدامة هذه الفكرة العظيمة."الغد"
جمانة غنيمات