ذلك العالم الجميل، فهو بداية الدنيا وليس آخرها، أينما ذهبت يشتد الحنين إليه، ويزداد جمالاً في عيون أبنائه؛ فهو عريق في الزمن والمعالم، وملاذاً لأبنائه من كل الدنيا، مهما طال السفر.
في الزمن القريب ،أمس أو قبل أمس كنّا في أسطورة أوروبا –روما – ولعدة أيام، فيها من الجمال ما يكفي والعراقة ما يفيض عن حاجتها، لكنه الشوق أضناني، وضاق الصدر هماً للرجوع، حتى لو في الأحلام، فمهما تأنقت روما وتجملت، فإنها لا تغني عن وطني.
اللواء ديرعلا، الحنون بأهله ومعالمه وأرضه وزرعه وأجوائه الحارة وضيق حال أبنائه، فهو لا يختلف كثيراً عن باقي أرجاء وطني،فجميع أبنائه يشتركون في الحب والوفاء للوطن، ويجاهدون ويكدّون في النهار تحسباً لغدر الليل.
أبناء ديرعلا، في الهم غوراً ، وفي العمل والبناء سواعد، وفي العلم منارات، وفي الفرح أغنية، وفي الحزن صمت وبكاء.فيهم ما يكفي من الفقر وغلبة الدين، يتشابهون في يومياتهم وتفاصيلها، لا اختلاف ولا خلاف، فطريقهم سهل بينهم ومع غيرهم، لا وعرا وعورا .
اللواء ديرعلا،فيه الفخر والعزة، فهو مجهز بجميع متطلبات الحضور الفاعل؛ ففيه الجندي، والشرطي، ورجل الأمن، والموظف ،والطبيب ،والمعلم، والتاجر والشهيد، وفيهم ذلك المغلوب على أمره المزارع الكبير.
كما أنت كبيرا يا ايها اللواء ؛ فمزارعك ريادي، وبصماته تملأ الدنيا، ومشاهدة له في العمل، فهو نموذج للعمل النخبوي الزراعي، مستمر في الإنتاج، ومحافظ على أرضه، حتى وإن ضاق به الحال، كرأس حربة في معركة الإنتاج،ومشغل رئيس لابنائه وبناته، علاوة على ربيعه الذي يغدو كل عام مقصداً ومحجاً لجميع أبناء الوطن.
إلا أنه يعاني من غياب الأخ الأكبر، حتى وإن كان هنالك بعض الابتسامات هنا وهناك، لكنها لا تغني ولا تسمن من جوع. إقصاء وتهميش أو نسيان على الأغلب، فلا تتوقع حضوره فهو غائب منذ زمن، وقد علمتنا أيها اللواء أن نجد للغائب عذراً، ذلك ليس ضعفاً وأنما إيثارا، فقد علمتنا أن نكون أول من يضحي وآخر من يستفيد .
هذا اللواء كباقي المجتمع الأردني، بسيطا راضياً، عفيفاً صابرا، حتى وإن طال غياب الأخ الأكبر، فإنه على الدوام يبحث له عن مبررات وحجج، فيردد ذلك المثل من مورثنا الشعبي ( الغائب حجته معه )،ألا يكفي ذلك ليكون الباشا مدعواً بينكم يا ساده.