إصلاح المنظومة التعليمية ضرورة حتمية في جامعاتنا
د. حمزة البلاونه
06-07-2019 03:32 AM
يؤدي التعليم دوراً مهماً في تقدم المجتمعات وتنميتها وذلك من خلال إسهام مؤسساته في تشكيل الوعي المعرفي للطلبة في مختلف التخصصات وتُعد الجامعة من أهم المؤسسات التعليمية التي تساهم في بناء عقول الطلبة وتزويدهم بالمعارف التي يحتاجونها كل في مجال تخصصه إلا أن واقع الحال يكشف عن وجود فقر أكاديمي وعجز تعليمي يمكن إجماله على النحو الآتي:
1. فيما يخص الطلبة : يدخل بعض الطلبة إلى الجامعة وهم في سنتهم الأولى دون فكرة واضحة عن الجامعة وما تشتمل عليه من مرافق وبرامج وتقاليد وقيم ومشاعر وأنماط سلوكية فيشعرون بمشاعر الرهبة والغربة أحياناً وعدم الارتباط بهذه المؤسسة التعليمية ذات التأثيرات المتداخلة عليهم وعلى حياتهم وتزداد معاناة هذه الفئة حين يجد أفرادها أن علاقاتهم القديمة قبل الدخول للجامعة لم تعد موجودة لتقدم لهم الراحة النفسية والمعلومات المناسبة والتدعيم العاطفي لمشاعرهم وسلوكياتهم ويجدون أن ما يحيط بهم في هذه البيئة الجديدة من علاقات تقوم على معايير وتوقعات غير معروفة لهم فيحجمون عن التعلم والمشاركة أو المبادرة أو البحث والتطوير وبالتالي عدم مقدرتهم على التكيف مع متطلبات الحياة الأكاديمية في الجامعة والتي تتمثل بوجود حاجة للدراسة المستمرة والتحضير والمتابعة الذاتية والتعود على طريقة الامتحانات والأسئلة ونظام المحاضرات والاعتماد على النفس وعدم التغيب بدون عذر رسمي وكذلك اختلاف طريقة الدراسة عن المدرسة الثانوية ومن المهم تحديد الاولويات ومحاولة الاستفادة القصوى من الوقت في النشاطات المختلفة دون حصرها في النشاط الاكاديمي فقط وهنا لا بد من إعادة إنتاج العقول الطلابية المبدعة فنحن بحاجة للطالب الباحث عن المعرفة والمعلومة والمنتج لها وعدم الاكتفاء بالطالب المتلقي للمعلومة وإرجاعها وقت الامتحان فقط.
2. فيما يخص المدرس: لقد تسلل إلى جامعاتنا في السنوات الأخيرة بعض المدرسون (أشباه المتعلمين) مع الأخذ بعين الاعتبار أنني هنا( لا أعمم) هؤلاء ليس لديهم الدافعية الملائمة والحماس المناسب لتطوير أنفسهم وتجديد معارفهم بما يتناسب ومتطلبات العصر الحالي ولا يحرصون على اتباع استراتيجيات تعليمية مناسبة تراعي الفروق الفردية للطلبة وحينما يتم مواجهتهم بهذه الحقيقة يبدأون بشن حملة غير أكاديمية للنيل ممن يصارحهم بذلك وهنا لا بد من إعادة النظر بتعيين مثل هؤلاء في الجامعات كي لا يكونوا عالة على أنفسهم وعلى طلبتهم وعلى مخرجات العملية التعليمية بشكل عام.
3. المناهج التعليمية: تعتمد المناهج التعليمية في كثير من الجامعات على التلقين وهو أسلوب تعليمي لا ينتج طلبة متميزون لأننا في هذه الحالة قد غيبنا أسلوب الفهم والتحليل وقدمنا محتوى تعليمي ضعيف لا يتناسب ومتطلبات التعليم في العصر الحالي خصوصاً أن هناك غياب واضح للجانب التطبيقي في معظم المناهج واقتصارها على الجانب النظري فقط يٌضاف إلى ذلك عدم التجديد في الخطط الدراسية بحيث تشتمل على مواد ومناهج تعليمية حديثة.
4. المؤسسة التعليمية (الجامعة): بطبيعة الحال فإن الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعاني منه الدولة سينعكس سلباً على ميزانية الجامعات وعلى المستوى التعليمي بشكل عام من حيث النقص في البنية التحتية وعدم توفير المرافق والخدمات التعليمية ووسائل التواصل التعليمية الملائمة التي يحتاجها المدرس والطالب في الوقت ذاته والتي تتناسب ومتطلبات المرحلة الحالية الأمر الذي يترتب عليه تراجع في الأداء والمستوى التعليمي لدى الطلبة.
5. فيما يتعلق بالدراسات العليا: أعتقد أن التوسع غير المبرر بقبول طلبة في مرحلة الدراسات العليا لا سيما في بعض التخصصات سيكون له تأثيره السلبي على العملية التعليمية يرافق ذلك احتكار بعض الأساتذة لأحقيتهم في الإشراف على الرسائل الجامعية فمن غير المعقول أن يُعطى المدرس إشراف على عدد كبير من الطلبة خلال الفصل الدراسي والاتيان بأعضاء مناقشة مجاملون على حساب المخرجات التعليمية للجامعة يرافق ذلك عدم جدية بعض المشرفون والطلبة بأخذ الملاحظات العلمية على محمل الجد وهي بلا شك ملاحظات تثري الرسالة وهنا أذكر من واقع الحال أنني كنت مناقشاَ خارجياً لإحدى الرسائل الجامعية في إحدى الجامعات لطالب في مرحلة الماجستير وقمت بالبحث والاطلاع وإحضار دراسات حديثة باللغتين العربية والإنجليزية وإطار نظري ممتاز وكنت سعيداً بهذا العمل وغير ذلك مما يثري رسالة الطالب وهو الأمر الذي أزعج المشرف والطالب معاً وتفاجأت بعدم الجدية وأن الطالب ومشرفه همهم الوحيد هو التوقيع على نموذج يعطي الطالب رخصة بأنه أصبح حامل لدرجة عليا في التعليم فإذا كان الأمر كذلك فإن الانحدار التعليمي سيستمر من هنا لا بد من إعادة النظر بقبول بعض طلبة الدراسات العليا لبعض التخصصات وطريقة الإشراف على الطلبة وإعداد لجنة محايدة لمناقشة الطلبة ولجنة محايدة يقع على عاتقها اختيار اللجنة المناقشة للرسالة.
سائلاً الله العلي القدير أن يحمي الأردن وطناً عزيزاً شامخاً وأن يحمي قائدنا وشعبنا الأردني العظيم