العرب والأردن .. وفقدان الجاذبية!
ماهر ابو طير
06-07-2019 01:09 AM
لم يعد العرب يأتون الى الأردن، مقارنة بسنين سابقة، والذي يسأل سائق المطار يخبره أن عدد العرب الذين يتم نقلهم، بات قليلا للغاية، مثلما أن الجهات الرسمية تعترف بقلة قدوم العرب، سواء للسياحة أو التعليم أو العلاج.
حين تقرأ خبرا عن قرار كويتي بوقف الاعتراف بخمس عشرة جامعة اردنية، لاعتبارات لها علاقة بالمعايير، تعرف أن السبب وراء ذلك، يعود الى تراجع التقييمات لمستوى الجامعات، هذا على الرغم من أن عشرات آلاف الأشقاء من الكويت درسوا سابقا في الأردن، وهو امر يمتد الى بقية الدول التي أصبح أبناؤها لا يفضلون القدوم الى الأردن، بسبب طريقة التعليم، وكلفة التعليم والحياة المرتفعة جدا، ويفضلون عوضا عن ذلك الذهاب الى مصر أو المغرب.
لقد تم التحذير مرارا من تراجع مستوى كل القطاعات، او استغلال هذه القطاعات للعرب، وبحيث يؤدي ذلك الى تدمير سمعة الأردن، لكن أحدا لم يستمع، واليوم، نسأل مثلا اين السياحة العائلية من دول الخليج العربي، التي اختفت تقريبا، بسبب تراجع جاذبية المواقع، والكلفة المرتفعة.
الامر ذاته يمتد الى قطاع العلاج، فلم يعد يأتي أحد، والسبب يعود الى الغلاء الشديد في كلف الإقامة، ومحاولات الاستغلال والابتزاز، وفواتير العلاج المرتفعة بطريقة غير طبيعية، وليس ادل على ذلك من احتجاج الليبيين عليها، والطلب من شركة تحكيم الفصل في هذا الملف، وهو امر تسمعه من مواطنين من دول أخرى، يشتكون من بيعهم الى سائق التاكسي، الذي يبيعهم الى الفندق او الشقة المفروشة، الذي يبيعهم الى المنشأة الطبية وما معها من خدمات، عبر سلسلة من العمولات والوسطاء، تمتد الى ما لانهاية، مع تراجع مستوى الخدمات الصحية ذاتها، ونرى النتيجة اليوم، اذ إن اغلب المستشفيات تعاني من تراجع اعمالها، ومواجهتها لمشاكل في مصاريفها وموازناتها، وهذا نتيجة طبيعية لسنين من التدمير المتواصل لسمعة البلد في هذا القطاع، وبقية القاعات، حيث بات اغلب العرب اليوم، يذهبون الى الهند وألمانيا ودول أخرى، وهي دول تقدم علاجا اكثر تطورا، وبكلف معقولة، او اقل من الكلف في الأردن، أحيانا.
موقف الكويت من الجامعات في الأردن، لم يأت تعبيرا عن موقف مسبق، اذ إن هناك معايير تم تطبيقها، لكن هذا الموقف بحاجة الى معالجة من الجهات المختصة، من اجل تجميده او العودة عنه، لأن الموقف ذاته سوف ينتقل مثل العدوى الى دول أخرى، سوف تسأل الكويت عن أسباب قرارها، وقد تتخذ قرارا شبيها، ولو سألنا الجامعات الخاصة في الأردن اليوم، لتحدثت عن تراجع ظروفها، وخسارة بعضها، بسبب قلة الطلبة العرب، بل ونفور الطلبة الأردنيين من التعليم، بسبب كلفته، او عدم القدرة على الدفع، وينطبق هذا الامر جزئيا على الجامعات الحكومية التي لديها مشاكلها.
من المؤلم حقا، ان نخسر كل الجاذبية التي تمتع بها الأردن، سابقا، في عيون العرب، فهذا الأردن المستقر والآمن بنظرهم، يعاني من تراجعات كثيرة، أبرزها الغلاء الشديد الذي لا يعد محتملا حتى بين العرب، مقارنة بدول أخرى، إضافة الى الخشونة في التعامل، والتراجع في قطاعات كثيرة.
قد يكون مطلوبا من هذه الحكومة، وغيرها من حكومات لاحقة، ان لا تعالج ملف الجامعات من زاوية كويتية وحسب، بل أن تفتح أهم ثلاثة ملفات ولماذا تراجعت ولم تعد منافسة، في عيون العرب، وهي التعليم العالي، الصحة، والسياحة، وهذا أمر مهم أيضا لإنقاذ هذه القطاعات ومئات الآلاف الذين يعملون فيها، في ظل ما تعانيه هذه القطاعات حاليا، ووسط مؤشرات على مزيد من التراجع.