إبتداء يقف العقل البشري عاجزا عن تصور مدى عظمة الله خالق الكون ومسير أمره جل جلاله ، ومن يعتقد بغير ذلك فليتلمس رأسه ! . والله الذي ليس كمثله شيء يقول في محكم كتابه العظيم ( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكى ونحشره يوم القيامة أعمى ) ، صدق الله العظيم .
وبعد : ليس سرا أننا في هذا البلد المبارك نعاني ظروفا حياتية صعبة . جميعنا نعاني ، الذين يملكون والذين لا يملكون ، وضنك العيش ليس رهنا بإمتلاك المال أو ما يسمى جاه ، وإنما معياره هو راحة البال ، فهل نحن جميعا مرتاحو بال مثلا ! ، لا أعرف بالضبط ، لكنني أشك .
السبب ، وهذا بالضرورة رأي متخلف في نظر الدنيويين ، هو الإعراض عن ذكر الله سبحانه ، وهو جل في علاه من أقر لنا بهذا السبب مصداقا لقوله تعالى أعلاه .
وذكر الله جلت قدرته ، ليس بالشكر والحمد والتسبيح والصلاة فقط ، وإنما بالإعراض عن كل نواهيه سبحانه ، ومنها الحقد والبغضاء والحسد والنميمة والإستئثار والجشع والكراهية والعنصرية والتفاخر والتبذير والنفاق والظلم والشر بكل اشكاله ... الى آخر قائمة السوء إن جاز التعبير .
من أفاء الله عليهم بالعلم والمعرفة في شتى حقولها ، ومنهم الأطباء والمهندسون وعلماء الأحياء والكيمياء والفيزياء والذرة والنبات والحيوان وسوى ذلك من علوم الحياة ، يرون عظمة الله في أعمالهم صباحا مساء ، ومع ذلك فكثير منهم وأنا منهم غافلون ساهون عن مجرد إدراك عظمة العظمة في ما يرون ، فالدنيا تأخذنا بعيدا عن هكذا إدراك لضعف فينا وليس فيها .
إذا كان الله العلي العظيم خالقنا وخالق كل شيء هو سبحانه من يقول لنا أن الإعراض عن ذكره جل في علاه ، يقابله ضنك عيش في الدنيا وعمى في الأخرة ، فهل لنا من سبيل آخر نحو حياة رغيدة وآخرة رغيدة غير الإمتثال لأمره تعالى ؟ .
لست متطرفا ولا متشددا ولا متعصبا أبدا بل أمقت كل هذا لتنافيه مع إرادة الخالق سبحانه وتعالى ، لكنني أرى أن الدين يسر ومعاملة طيبة وخلق حسن مشفوعا بذكر الله دائما وفي كل حركة وسكنة ، وإن إهتدينا نحن من تلقاء أنفسنا إلى كل هذا ، صلح حالنا وطابت دنيانا وآخرتنا معا . عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قوله : إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق . وخير خلق هو ذكر الله سبحانه جل وعلا مع الإلتزام بمقومات مكارم الأخلاق ، وعندها فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون . الله الذي لا إله سواه من وراء قصدي .