تطل علينا بين الحين والآخر دولة خليجية شقيقة تحصر إيفاد طلبتها بعدد محدد من الجامعات الأردنية أو بقبولهم في تخصصات معينة في بعض الجامعات .
كان آخرها قرار معالي وزير التعليم العالي الكويتي بعدم الاعتراف بالجامعات الأردنية باستثناء أربع جامعات رسمية هي : الأردنية ؛ والعلوم والتكنولوجيا ؛ والهاشمية؛ واليرموك، إضافة الى جامعة الأميرة سمية .
وبقدر ما انتابتني الدهشة وأثار استغرابي هذا القرار ، وإن كنت أرى فيه شأنا داخليا خاصا بدولة الكويت الشقيقة، بقدر ما أرى نفسي معنيا بالتوقف عنده ، بوصفي أكاديميا ، وأحد الذين تشرفوا برئاسة جامعتين أردنيتين ، ورئيسا سابقا لهيئة اعتماد الجامعات الأردنية . فأنا - ومع كل الاحترام والتقدير للمعايير المعتمدة للجامعات في دولة الكويت الشقيقة ، إلا أنني أرى فيه إجحافا بحق أداء معظم الجامعات الأردنية التي شملها القرار ؛ فهي جامعات تؤكد حضورها العلمي بمهنية عالية: محليا؛ وإقليميا؛ ودوليا، وأن المعايير لتقييم أداء هذه الجامعات من دولة شقيقة لا يكون مقياسا لهذا الأداء. ولعل من الثابت لدينا ولدى كل الدول التي تقدر الجوهر في مضمون التعليموليس الشكلأن التعليم في الأردن بشقيه : العام والعالي علامة فارقه مقارنة بمستوى التعليم في منطقتنا العربية والإقليم الذي نعيش فيه. طبعا هذا لا يعني أن نركن إلى ما حققناه فقط، أو ان لا نسعى الى تجويد التعليم وتحسينه والارتقاء برسالتنا التعليمية التي هي موضع الفخار والاعتزاز .
نعلم ان لدينا مشكلات كبيرة ومتنوعة، يعود جزء كبير منها الى ما صنعناه بأيدينا مثل : الإساءة المتعمدة من بعض أجهزة الدولة أو رؤساء الحكومات السابقة وإضعاف دور القيادات الاكاديمية أو التدخل المباشر أو غير المباشر في قرارات مجالس الحاكمية فيها، ما أضعف هيبة التعليم لدينا، إضافة إلى الانفلات الذي شهدناه في نقد كافة مؤسساتنا بما فيها مؤسسات التعليم العالي بشقيه الحكومي والخاص ، وما رافق ذلك من التخبط والعشوائية في قرارات التعليم العالي، والتغيير المستمر في القوانين والأنظمة والتعليمات ...وغيرها .
لقد آن الأوان أن يخلق هذا القرار ردة فعل قوية وصرخة تنظيمية داخل أروقة التعليم العالي في بلدنا الغالي ؛ فلطالما فاخرنا بأن التعليم هو رأسمال الأردن ، ورسالته التي ينثرها : محبة ومقدرة وتميزا ، وتشهد على ذلك جامعات ومدارس دولنا العربية الشقيقة .
وحتى تبقى رسالتنا التعليمية وهاجة يسطع نور علمها في سائر أرجاء وطننا العربي الحبيب ، فإننا ندعو - كما كنا ندعو دوما- الى حسن اختيار القيادات التربوية؛ ومنح المزيد من الحرية الاكاديمية لمجالس الحاكمية في الجامعات؛ وإيقاف القبول في العديد من برامج الدراسات العليا ولا سيما في الدكتوراه؛ وإحداث نقلة نوعية في الخطط والبرامج الدراسية، والبدء بإلغاء كافة برامج التعليم الموازي، ومنع الجامعات الخاصة والرسمية من تدريس الطلبة الوافدين ضمن برامج خاصة بهم خلال يومين في الأسبوع ، وعدم منحهم أي امتيازات خاصة غير المنصوص عليها ضمن قوانين الجامعات؛ لأن هذه التسهيلات قد يساء فهمها وتأخذ منحى غير الذي أقرت من أجله.
حفظ الله الأردن ومؤسساته التعليمية في ظل راعي مسيرة العلم والعلماء سيدي صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، حفظه الله ورعاه