تسونامي الشوارع الأردنية ..
باتر محمد وردم
29-12-2006 02:00 AM
صدقت دائرة الأرصاد الجوية وشهدت الأردن تساقط الزائر الأبيض المحبوب يوم الأربعاء ، بعد فترة انحباس طويلة حتى للأمطار العادية ، ولكننا كالعادة تعاملنا مع هذه الأجواء الرائعة وكأن كارثة قد حلت لا سمح الله ، وبانت عيوب البنية التحتية للشوارع بنفس الوقت الذي ظهر فيه عيوب سوء الإدارة الاجتماعية لهذه الحالات.
لا يمكن القول بأن زيارة الثلج الخفيف كانت مفاجئة للناس ولمن لا يصدق دائرة الأرصاد الجوية كان يمكن بسهولة تصفح مواقع البي بي سي وغيرها من مصادر معلومات تنبؤ الطقس في كل مدن العالم للأسبوع القادم لمعرفة حقيقة الجو حيث كان المطر الشديد والثلج هو السائد في توقعات جو عمان ليوم الأربعاء وكان هذا معروفا منذ بداية الأسبوع الماضي. ولكن الشعب الذي يملك 3 ملايين هاتف خلوي نصفها مرتبط بالإنترنت لم يستطع أن يستخدم التكنولوجيا الحديثة لمعرفة توقعات الطقس فرأينا تصرفات تشبه المفاجآت سواء من المواطنين أو الجهات المسؤولة. قبل حوالي عقد من الزمان كان هطول الثلج في عمان مناسبة اجتماعية وجوية استثنائية ، حيث كان المواطنون لا يعلمون عنه إلا قبل يوم واحد ان صدق التقدير ، وكان المواطن الأردني يستمع بكل إنتباه وتركيز إلى النشرة الجوية في تمام الساعة الثامنة والنصف يوميا كما يتابع المستثمرون بورصة عمان بكل توتر حاليا ، وكان الإعلان عن توقع هطول الثلج يعني عملية استنفار تامة في أجهزة الدفاع المدني وتحضيرات غذائية في المنزل ترتبط مع جهود تخزين مصادر الطاقة ومحاولة تصليح أعطال السيارات واستعداد التلفزيون الأردني لاستخراج أغنيات فيروز عن الثلج ومسرحيات عادل إمام وسعيد صالح وربما شراء الناس لكميات من الكستناء التي كانت رخيصة بينما سعادة الأطفال دائما واضحة بسبب التغيب عن المدرسة وفرصة اللعب بالثلج ، ولا يزال كل الناس يتذكرون مظاهر الدهشة التي كانت تنتاب الجميع في صباح يوم مثلج لم يكونوا يتوقعونه. البنية التحتية في شوارع عمان كانت تحتمل أمطارا وثلوجا أكثر مما نراه الآن وكانت الحياة تسير بهدوء وسلاسة والإجراءات المتبعة للتعامل مع الموقف في منتهى الدقة ، أما الآن وفي القرن الحادي والعشرين تصبح شوارعنا عبارة عن برك مياه تتعطل فيها السيارات وحركة السير وتتميز بسوء التصرف من السائقين وأزمات سير لا مبرر لها ، ويتم حصار مجموعة طلبة جامعيين لمدة ساعات بسبب انقطاع الطرق ويعاني المواطن من عدم القدرة على تحسين الدفء في المنزل بسبب الزيادة الكبيرة في أسعار المحروقات.
ينبغي الإشارة أيضا إلى أن التعامل مع هذه الحالات بمسؤولية يجب أن يتضمن أيضا وعيا من المواطنين ، حيث لا يجوز الاستمرار في السلوك الأناني الذي يمارسه بعض السائقين بالقيادة بسرعة في التجمعات المائية ورشق المواطنين على الأرصفة بالمياه أو إغلاق مجال الرؤية أمام السائقين في الجهة المقابلة لمدة ثوان معدودة قد تتسبب بحوادث.
أن مثل هذه الممارسة السيئة يجب أن تصبح بندا أساسيا في قانون عقوبات السير بحيث يتم تغريم ومخالفة أي سائق يقود بسرعة مبالغ بها ويتسبب برشق المواطنين والسيارات الأخرى بالمياه فهذا سلوك أسوأ بكثيرمن قيام بعض سائقي الباصات العامة بتحميل راكب أو إثنين إضافيين ومن ثم التعرض لمخالفة من الأمن العام. إنها في النهاية مسألة أخلاقية ولكن القانون يجب أن يقف في مواجهة هذا السلوك السيئ. وكل عام والأردن بخير ودعاؤنا إلى الله تعالى في استمرار الخير وصدق التنبؤات الجوية التي تشير إلى هطول الأمطار والثلوج