تشیر الإحصاءات الرسمیة أن ھناك ما یقارب 350 ألف قطعة سلاح في الأردن مرخصة رسمیاً؛ منھا 1700 قطعھ لصالح شركات الأمن والحمایة، لكن بعض الخبراء یشیر لوجود نحو ملیون قطعة سلاح غیر مرخصة منھا ما ھو اوتوماتیكي، وأن غالبیة الجرائم نتجت من استخدام غیر المرخصة وتواجدھا لیس حكراً على منطقة جغرافیة معینة فھي منتشرة في المدن والقرى والبادیة ولدى مختلف الطبقات الاجتماعیة.
لذلك من الضروري والمستحسن أن تبادر الحكومة بجمع الأسلحة الفردیة غیر المرخصة والمنتشرة بین المواطنین والتي أصبحت تجارة رائجة لھا أسواقھا ومناطقھا المعلنة والمعروفة بالرغم من وجود عقوبة على المتاجرة بھا بحد أقصى ثلاث سنوات حسب قانون الأسلحة الناریة والذخائر لسنة 1952 وتعدیلاتھ ومع ذلك ھناك تجاوز یصل لدرجة التحدي أحیاناً على أن یترافق ذلك بفرض ھیبة الدولة والإسراع في تنفیذ قرارات القضاء بما فیھا تلك التي تتعلق بجرائم كبرى وما زالت تترك تداعیات وآثار اجتماعیة في مجتمعنا الذي لا نستطیع أن ننكر ونتغافل أن منظومتھ العشائریة وعاداتھ وتقالیدھا تفرض علیھ في حال تلكؤ الجھات التي یفترض أن تقوم بواجبھا في حمایتھ وحمایة ممتلكاتھ أن یتصدى لھذه المھمة نیابة عنھا.
عندما تكون الدولة حاضرة حیثما یجب أن تكون؛ یصبح القانون والنظام ھو العنوان الجامع الذي یتوافق علیھ الجمیع دون استثناء، وعندما یقتنع بعض المسؤولین أن تكریم الشخصیات السیاسیة والاجتماعیة والعشائریة لا یكون بتقدیم قطع السلاح كھدایا لھم انسجاماً مع موروث اجتماعي بال بأن ”زینة الرجل سلاحھ“ وھو ما لا یتوافق مع بلد یدعي بعض وزرائھ أنھ یتقدم على روسیا وغیرھا من الدول الأوروبیة في الاقتصاد الرقمي ونستمر في ھذه العادة التي أصبحت مثار سخریة وتندر لدى كل عاقل، وتحضرني ھنا أنھ عندما أھدى مسؤول عربي في بلد شقیق مواطنھ الذي حصل على جائزة عالمیة في الشعر مسدساً تمنى ذلك الشاعر أن یتم سحب تلك الجائزة.
صحیح أن الجریمة لیست حكراً علینا وأن استخدام السلاح الفردي مشكلة تؤرق العالم وكل یوم تتناقل وكالات الأنباء أخبار جریمة استخدم فیھا السلاح وذھب ضحیتھا أبریاء. فالولایات المتحدة الأمیركیة ھي الأولى عالمیاً یلیھا مباشرة الیمن، وھو في المحصلة لا یختلف كثیراً عما یجري في بلادنا خاصة عندما یستخدم السلاح للتعبیر عن الفرح في المناسبات الاجتماعیة ومن یشاھد مقاطع الفیدیو على موقع یوتیوب عن غزارة استخدام السلاح في مناسبات الانتخابات البرلمانیة والزواج ونتائج الثانویة بالرغم من سقوط ضحایا أبریاء یكابد ذووھم الحزن للأبد، نتساءل ھنا كیف یستوي الحدیث عن الفقر والعوز ولدینا ھذا الفجور في استخدام السلاح دون مبرر وكیف یستوي التذمر والشكوى من صعوبة الحیاة وضنك العیش ونطلق الرصاص بھذا البذخ دون داعٍ.
طبیعي أن یكون ھناك من لا یعجبھ التوجھ الحكومي ومنھم من یشكك بأھدافھ، لكن المھم أن مسؤولیة الحكومة واجبة في حمایة الناس من عشوائیة استخدام السلاح أولاً، وثانیاً في تغلیظ العقوبات على كل من یستخدم السلاح غیر المرخص وعدم التھاون مھما كانت الجھات التي تحاول التوسط ولا داعي أن نذكرھا بحدیث جلالة الملك عبد الله الثاني لوجھاء محافظة العاصمة عمان بتاریخ 2015/8/30 عن الظواھر الاجتماعیة المقلقة بعد متابعتھ لشریط فیدیو یظھر وفاة طفل نتیجة إطلاق العیارات الناریة، ویومھا أعلن الملك أن ھذا الأمر خط أحمر ولا تھاون فیھ مع أي أحد.
الغد