حتى نبدد قلق الأردنيين ونشعرهم براحة البال!
نضال منصور
13-10-2009 04:37 AM
حين تسأل الأردنيين عن مستقبلهم وماذا تخبئ لهم الحياة تجدهم واجمين قلقين لا يشعرون بالأمان، ولا يعرفون ماذا سيحل بهم حين يكبرون، وليست لديهم ضمانات بحياة كريمة بعيدة عن الفاقة والفقر؟!
حيرتهم مشروعة، فالضمانات لكهولة كريمة غير متوفرة، والتأمين الصحي الذي يحمي من ذل المرض لم يصبح متاحاً بعد، ومستقبل الأجيال المقبلة بالعمل بعيداً عن شبح البطالة أسئلة غامضة!
هذا القلق لا يطبق بخناقه على الشعوب الأوروبية والأميركيين الذين يشعرون براحة البال والاسترخاء ولا يشغلهم الخوف من المستقبل.
يدفع المواطنون في هذه الدول الديمقراطية أكثر من 40% من رواتبهم ودخلهم للضرائب وتغطية الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي، وهم لا يتذمرون من ذلك ولا يتهربون من فعل ذلك في غالبيتهم لأن ذلك ضمانهم لشيخوخة كريمة ومستقبل آمن.
وبالرغم من حالة القلق من المستقبل، فإن الأردنيين لم يدركوا حتى الآن أهمية الضمان الاجتماعي، ولم تنجح الجهود الكبيرة التي بذلها مدير الضمان د. عمر الرزاز في إقرار قانون عصري. وحتى الآن، فإن الكثيرين من صناع القرار لم يستيقظوا من سباتهم وما يزالون يفكرون أولاً وأخيراً بمصالحهم الآنية، أما ما سيحدث غداً فهذا ليس شأنهم أو أولوياتهم.
ربما لا يثق الشارع الأردني بأن "أموالهم" أي أموال الضمان بأمان حين تكون بيد الحكومة، تلعب بها وتبددها أحياناً في مشاريع اقتصادية فاشلة أو تخضع استثماراته لأجندة سياسية!
وهذا حدث، وهو ما يستدعي تكاتف الجهود لإقرار قانون جديد يرفع يد الحكومة عن أموال الضمان، ويعالج الاختلالات، التي لو استمرت لعصفت بمصالح مئات الألوف من الأردنيين الذين استثمروا مستقبلهم في هذه المؤسسة.
وعدت الحكومة بأن لا تقر قوانين مؤقتة، ولم تف بوعودها، وحتى حين أقرت القانون المؤقت للضمان الاجتماعي لم تحل المشاكل الجذرية بالقانون وأغفلت عينها مع سبق الإصرار والترصد عن كارثة التقاعد المبكر من أجل سرقة الشعبية وحتى تصفق لها النقابات.
كان مضطرا الدكتور الرزاز أن يواصل "دب الصوت" مطالباً بقانون جديد للضمان الاجتماعي يقدم حزمة إصلاحات، ويواجه استحقاقات المستقبل بشجاعة، ولا يتهرب ويرمي الكرة في ملعب القادمين من دون حس بالمسؤولية.
الحكومة مرة أخرى وفي قانونها المؤقت تهربت من الإصلاحات الهيكلية ورحلت الأزمة لغيرها، فهي لم تتعامل مع مشكلة التقاعد المبكر وأوقفته للمشتركين الجدد، وهذا يعني أن تداعيات هذه الأزمة ستطل برأسها بقوة عام 2016 أي بتاريخ ليس بعيدا.
وما فعلته في القانون ربما يجنى قطافه وأثره بعد 25 عاماً ونحن نريد معالجات فورية للاختلالات الكارثية، فموديل التقاعد المبكر بعد 18 عاماً وعمر 45 سنة لا مثيل له في العالم، فكيف يتقاعد عن العمل مواطنون في عز عطائهم وعنفوانهم؟!.
أما قصة الرواتب التقاعدية الخيالية، فقد وضعت الحكومة في قانونها المؤقت حلاً معقولاً ولكنه لم يعالج المشكلة من جذورها، فبحسب المعلومات المتوفرة هناك 1250 مشتركاً في الضمان يتقاضون رواتب تقاعدية فوق 5 آلاف، وهناك ما يقارب 200 مشترك يتقاضون رواتب أكثر من ذلك بكثير يصل بعضها إلى 13 ألف دينار شهرياً.. فهل هذه الرواتب تدفع لتغطية حياة كريمة أم أنها استثمار على حساب جيوب الأردنيين!
فهل يستطيع الضمان الاجتماعي أن يتحرك قانونياً لوقف هذا الاستنزاف المالي، هل يبادر هؤلاء إلى أن يتقدموا إلى الضمان الاجتماعي فيتنازلوا عن هذه الرواتب الخيالية ويكتفوا بسقف الـ5 آلاف دينار إيماناً بالتزامهم تجاه الأجيال المقبلة؟
في المحصلة القانون المؤقت لا يفي بالغرض، فالضمان الاجتماعي مشكلاته غير محصورة بالتقاعد المبكر، بل إن هناك قضايا ملحة لم يتطرق لها القانون مثل التعطل عن العمل، وهي قضية في غاية الخطورة، فأنا أدفع وأنا أعمل لأجد من يساندني حين أفقد وظيفتي.
ولا تقل أهمية أمر التأمين الصحي وربطه بالضمان الاجتماعي لتصبح في سلة واحدة.
التفاصيل كثيرة، والكرة الآن في مرمى النواب ليعودوا للقانون الذي قدمه الرزاز حتى يعالج الاختلالات وحتى يبعثوا برسالة للأردنيين بأن مستقبلهم آمن لعلهم يشعرون براحة البال.