لا نشك في النوايا الحسنة للحكومة في معالجة تحدي البطالة، ومن المعروف ان النوايا الحسنة لا تكفي، الأوضاع العامة في البلاد غير مريحة حيث استمرار مشكلتي الفقر والبطالة اللتين هما وجهان لعملة واحدة والأرقام في ازدياد حيث ان نسبة البطالة وصلت الى ١٩% وربما أكثر بقليل، وحل المشكلة ياتي أولا من تحسن النمو الاقتصادي، ويجب ان يتخطى نسبة الزيادة في أعداد السكان (نسبة المواليد) لكن الزيادة السكانية في البلاد ناتجة عن الأزمات وخصوصا الأزمة السورية، واستمرار القضية الفلسطينية دون حل، اي الهجرات والنزوح القسري.
يتواجد على الارض الاردنية ما يقارب من مليون و ٣٠٠ الف سوري ينافسون الأردني في لقمة العيش والخدمات والبنى التحتية، ونتيجة لمؤتمر لندن تم اعطاء ما يزيد عن ١٢٥ الف ترخيص عمل للسوريين، ولا زالت المنظمات الدولية والاقليمية تقدم الخدمات والمساعدات للعائلات السورية، وطوعا لم يعد منهم سوى ٢٩ الف مواطن ولا زالت المنظمات الدولية ومن وراؤها ينادون بالعودة الطوعية؟ ألم يحن الوقت للتفاوض مع تلك المنظمات والدولة السورية والغاء مفهوم العودة الطوعية وتحويلها الى عودة اجبارية حتى يتم حالة احلال للعمالة السورية بعمالة وطنية.
ان الاستمرار بالمناداة بالعودة الطوعية لا يخدم المصلحة الوطنية، اذ تشير احدى الدراسات الدولية ان ٥٦% من هؤلاء اللاجئين لا يرغبون بالعودة مطلقا، وهذا يعني التوطين، فهل نحن بالاردن الوطن الدولة بحاجة لتوطين جديد؟!. وفي نفس السياق لا اريد ان اخوض بموضوع الجوازات الأردنية بدون رقم وطني، ولو ذكرتُ الرقم سيكون مفزعا للجميع، على الحكومة التصرف بحكمة وعقلانية لحماية المصالح الوطنية العليا لأبناء الشعب الأردني، وعليها ان تراجع سياساتها العملية في هذا الملف وما يحتويه من مخاطر كامنة على مفهوم الهوية الوطنية والتغيير الديمغرافي على ساحة الوطن.
ان هذا الملف يجب ان يؤخذ بجدية عالية، ويعالج بالاقتدار والكفاءة وبحلول عملية وليست نظرية، اذ ان هناك نماذج وسياسات تشغيل يمكن اجتراحها للمساهمة في حل جزئي للمشكلة، ولكن لا احد يريد ان يسمع ولديه الجدية في حل هذا الملف.