فصلٌ مَأساوي آخر .. من المَتاهة الليبية
محمد خروب
03-07-2019 12:20 AM
تتواصل الفوضى الليبية المتمادية فصولاً دامية، مفتوحة على احتمالات شتى ليس أقلها انهيار ما تبقى من «الكيان» الليبي, الذي أرهقه أُمراء الحرب وزعماء الميليشيات وزاد التدخّل الدولي وخصوصاً الإقليمي، من إنهاك الشعب الليبي وإيصاله الى مرحلة اليأس من إمكانية استعادة الهدوء والاستقرار، والتأسيس لمرحلة جديدة تطوي صفحة الفوضى، وتمنح الفرصة للحكماء أو مَن تبقّى منهم داخل البلد المنكوب، الذي تركه العربُ والعالم لمصيره، بعد أن حقّقوا هدفهم الاساس، وهو نشر الفوضى في قطر عربي آخر، بات فيه «الدمار» الـ«وَصفَة» الوحيدة المُطبّقة في فضاء عربي رثٌ ومتهالك، لم تستفد جموعه من دروس السنوات الثماني التي انقضت على ما سمي زوراً وتضليلاً.. الربيع العربي.
ما علينا..
في ما بدا واضحاً ان هجوم الرابع من نيسان الماضي نحو العاصمة طرابلس، الذي بدأه المشير خليفة حفتر قد انتهى الى فشل ذريع, وبخاصة بعد تمكّن قوات حكومة فايز السرّاج من استعادة بلدة «غريان» الاستراتيجية، فإن التبريرات التي ساقها المشير وأنصاره حول اسباب «الهزيمة» التي لحقت بهم، ومُسارعتهم القاء المسؤولية على تدخّل تركي (ليس مُستبعداً بالمناسبة بل هناك ما يشي أنه تدخّل فاعل ومؤثر، كما ارتكابات انقرة في سوريا والعراق) يندرِج في إطار البحث عن ذرائع للطمس على حقيقة «خذلان» المشير, للدول الإقليمية والدولية التي دعمت هجومه، وراهنت على حسم الصراع لصالحه، وفتح صفحة جديدة عنوانها جنرال جديد قادر على حكم ليبيا ولجم الجماعات المسلحة فيها، وإعادة الأمن والهدوء اليها، وصولاً الى «اقتسام» مُعسكر الداعِمين والمسانِدين للمشير الجزء الأكبر من الكعكة، وبما يَرُّد الإعتبار للذين خسروا، عندما أسقط «الأطالِسة نظام، القذافي ولكن دون المساس بالملّف النفطي, حيث الصراع الإيطالي ــ الفرنسي المحموم عليه (بموافقة اميركية مع ابتعاد واشنطن عن المنافسة) وإن لم يتم حسمه حتى الان. والأمر مرهون بالمآل الذي سينتهي اليه الصراع بين حفتر (او قل الشرق الليبي) مع حكومة السرّاج (غرب البلاد).
دخول تركيا على خط الأزمة، ليس مُفاجئاً او جاء وليد اللحظة الراهنة، بل وقفت انقرة على الدوام مع «حكومات» طرابلس المُتعاقِبة وخصوصاً حكومة فايز السراج, التي تدّعي انها الحكومة المُعترَف بها دولياً، ولا أحد يدري ما أهمية ذلك او جدواه، ما دامت لا تحظى بشرعية او تتوفر على قدرة لإدارة البلاد.
نقول: دخول تركيا وتلويحها بالتدخل العسكري المباشر، وعبر بيانات تنطوي على عربدة واستعلاء تقول: «سيكون هناك ثمن باهظ لأي موقف عدائي او هجوم ضد مصالح انقرة.. وسنرّد بالطريقة الأكثر فعالية والأقوى».. يُنذِر بانتقال «الحرب الليبية» الى فصل دموي آخر، وخصوصاً إذا ما وعندما يبدأ المشير حفتر تنفيذ تهديداته بتوجيه ضربات «جوية مكثفة» على العاصمة طرابلس، بعد فشل هجومه البرّي.. الفاشِل عليها.
الراي