facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




أقعد وراه وإنشد عن خاله ! .


شحاده أبو بقر
02-07-2019 11:40 PM

أيام زمان وهي الأيام الجميلة التي يصعب أن تعود ، كانت لدينا في الأردن عادة جليلة في ولائمنا خلال أفراحنا وأتراحنا ، كانت الظروف المادية للناس بسيطة وشحيحة لكنهم كانوا يتحدونها بالبساطة والقناعة والتكافل الفطري الحقيقي لا الزائف ، فإذا ما أقيمت وليمة لسبب ما ، كان المضيف يقدم عددا محدودا من المناسف لضيوفه الكثر ، ولهذا كان الضيوف يتناولون ما يسر الله حسب ترتيب محدد يسمح لكبار السن والوجهاء بتناول الطعام أولا وهو ما يسمى الطورة الأولى ، وبالطبع هؤلاء يدركون أن هناك جمعا آخر سيتناول الطعام من بعدهم ، ولذلك يأخذون نصيبهم مما تيسر تاركين طعاما يكفي لمن بعدهم ٠


ينهض رجال الطورة الأولى عن الطعام ليأتي دور الطورة الثانية ، وهكذا إلى الطورة الثالثة أو حتى الرابعة حيث الغلمان والأطفال صغار السن ، وكلهم يجدون طعاما كافيا لهم جميعا ، فالله جل في علاه يبارك زادهم من فضله .


في زماننا الراهن وعلى قسوته ، صرنا كلنا طورة أولى ، كبارا صغارا ، وجهاء وغير وجهاء ، ومن لا يجد مكانا للإصطفاف حول المنسف من طورته الأولى يغضب ويغادر المكان معتبرا أن ذلك إنتقاصا من قدره .


هذا التطور السلبي غير المحبب ينسحب اليوم على كل أمر في حياتنا ، والوحيدون الذين قد يقبلون بأن لا يكون نصيبهم في الطورة الأولى هم دنوة المعزب أو المضيف ولكن حتى على مضض ، ومع ذلك فهم يرضون بأن تكون الطورة الأخيرة أي الثانية في عرف اليوم من نصيبهم ، فالمهم عندهم هو بياض وجه قريبهم المعزب مع ضيوفه وضيوفهم ، وهذا بالطبع هو سلوك أقاربه الأنقياء المريدين ، أما من كانوا غير ذلك ، فيسعدهم عدم بياض وجهه وقد يسارعون إلى تناول الطعام في الطورة الأولى مع الضيوف مباشرة .


لو سحبنا هذا الأمر على السياسات العامة في بلدنا ، لوجدنا أننا بصدد عرف جديد فيه طورة أولى متكررة لها كل الزاد ولا شأن لها بغيرها ، فقد ولى زمان ( أقعد وراه وإنشد عن خاله ) ، وهو زمن كان ربع الطورة الأولى يؤثرون على أنفسهم فلا يترددون في مناولة الجالسين خلفهم قطعا من اللحم إكراما لهم ، لا بل ويبادر بعضهم إلى إخفاء قطع لحم تحت طبقة الأرز كي يجد أهل الطورات اللاحقة لحما يتناولونه بعدهم .


بصراحة أكثر لقد فقدنا شيمة الإيثار التي كانت منبع فخر وتفاخر في حياتنا ، وحلت مكانها مثلبة الإستئثار التي يعتقد مزاولوها أن كل شيء لهم وحدهم دون سواهم ، وليذهب أقرانهم في الوطن إلى حيث ألقت رحلها ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ٠


هذا حال مائل ، وإن إستفحل فهو ينذر بما هو أسوأ لا قدر الله ، فلا بد من أنزال الناس منازلهم ، ولا بد من إدراك أن الناس كل الناس شركاء على الشيوع في أوطانهم ، ولقد بتنا بمسيس حاجة ألى العودة إلى ثقافة ، أقعد وراه وانشد عن خاله ، فهي أسمى من سائر ثقافات اليوم المستوردة والمستهجنة والغريبة عنا ، وهي أكثر رقيا وعفة ومصداقية من سواها ، سواء أعجب ذلك دعاة الحداثة أم لم يعجب . الله الذي لا إله سواه من وراء قصدي .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :