أن يقوم مسؤول رفيع المستوى بتقريب شخص ما منه دون سبب وجيهة فان ذلك يولّد شعوراً من الحيرة عند باقي الموظفين مشوبةً بالاستغراب والدهشة. هذا ما يسمى بتأثير الهالة على من يقرّب شخصاً بعينه ويحبه دون غيره ممن لا يقلون عنه كفاءة وسلوكاً.

تأثير الهالة، حالة ذهنية تسمح للمرء في عقله اللاواعي بالمغالاة في تقدير صفات أشخاص معينين بسبب تأثره الأولي بهم فينسحب ذلك الشعور على نظرته وتعامله معهم. مثل أن يعتبر رئيس مؤسسة أشخاصا ما من بطانته بأنهم من أفضل المقربين إليه فيجد الناس صعوبة في إقناع المسؤول بأخطاء هؤلاء بسبب وقع الهالة Halo effect التي تولدت لدى هذا المسؤول تجاههم.

وربما جاء منها مفهوم الطفل المدلل أو ابن الداية الذي يطلقه الناس همسا فيما بينهم في أروقة العمل والحياة العامة على من يتخبط في قراراته لكن أحداً لا يجرؤ على توجيه أصابع الاتهام إليه ويحظى بامتيازات لا يحظى بها غيره.

تأثير الهالة هي خدعة نفسية من أكثر التحيزات أو الانحرافات الذهنية cognitive biases التي تحدث في أدمغتنا بشكل لا واعي، هي شكل من أشكال التحيز الحسي وتعني ميل الشخص الى حب شخص أخر بكل ما فيه بسبب صفة وحيدة عاديّة وجدها فيه بغض النظر عما يتميز بها هذا الفرد من مواهب ومهارات وهوايات وعناصر ذات قيمة تدخل في صميم تقييمه! هذه الصفة ممكن ان تكون هيئته أوجاذبيته أو وسامته أو أسلوبه في الحديث أو نفاقه أو لون بشرته كأن يكون أشقراً وصاحب عينين زرقاوين وقد يسهم ذلك كله في تقدمه في مساره المهني عند رئيسه دون أي سبب يذكر! مع أن قدراته اعتيادية لا تقارن بقدرات آخرين متميزين لم يحظوا بالهالة آنفة الذكر!

وقد يرى البعض مثلاً، فتاة جميلة أو شابًّا وسيمًا جذّاباً فيحسبونهم أكثر ذكاءً ونجاحاً وشعبيةً من الآخرين، ويميلون إلى التقرب منهم وتصديق كلامهم والتأثر بأفعالهم أكثر ممَّا يفعلون مع باقي الأشخاص متوسطي الجاذبية أو معدوميها.وهذا ربما ما يفسّر رغبة أصحاب الأعمال والمسؤولين بتوظف الفتيات الحسناوات ووضعهنّ في الواجهة كسكرتيرات ومديرات مكاتب، وهذا ما يفسر تجارب علمية كثيرة قام بها باحثون تبين أن الناس تربط صورة الإنسان الجذاب بصفات حسنة أو توقع أهلية صاحبها لمركز وظيفي أو اجتماعي مرموق.

تأثير الهالة halo effect من أكثر المشكلات التي تحدث خلال تقييم أداء الموظفين في مؤسساتنا أو اختيارهم بشكل عام حيث يعطي المسؤول تقييماً عالياً لموظف ما في كل بنود التقييم نتيجة لأنه متميز في واحدة منها فقط لا غير.

أحكامنا يجب ألا تتأثر بالمظاهر التي يبدو عليها الأشخاص وهذا هو أحد الأخطاء التي قد يقع فيها المسؤولون عند اختيار الموظفين ام تقييمهم والتي ينبغي تجنبها حيث يجب أن يكون حكمهم موضوعياً وقراراتهم غير متحيزة لأي ميزة تخص الهالة.