دائرة الممنوعات والنهر من جديد
باتر محمد وردم
12-10-2009 06:02 PM
قرر الحاكم الثقافي بأمره في دائرة المطبوعات والنشر والوصي على عقول الأردنيين من لوثة التفكير الآثمة، اعتقال كتاب ناهض حتر الأخير بعنوان "يساري على جبهتين" والذي يضم مجموعة مقالات للكاتب نشرها في جريدة الأخبار اللبنانية وبعض المواقع الإلكترونية الأردنية التي تحملت مسؤولية نشر أفكاره الإشكالية.
في معرض تبريره لمنع الكتاب قال مدير الدائرة أن الكتاب ينتقد "السلطات الرسمية" ، ما هذه التهمة الجديدة التي خرج بها العقل الإبداعي لدائرة المطبوعات لتمنع الكتاب وهو قابل للتوزيع والنشر والقص واللصق والمسح الضوئي والتصوير والتخزين في الفلاش ميموري في فضاء المعرفة الجديد الذي توقف امتداده عند الطابق الأول من تلك البناية بجانب مستشفى الأردن، وفي طابقها الثاني وزارة التنمية السياسية في واحدة من المفارقات الأردنية المضحكة المبكية!
أنا شخصيا لن أقرأ الكتاب فلست معجبا بطروحات ناهض حتر الإقليمية الإنقسامية المناهضة لمبدأ المواطنة والتنوع الذي قامت عليه الدولة الأردنية ولكن إذا كان هنالك ألف شخص مثلا يريدون قراءة الكتاب فليس من حق دائرة المطبوعات أن تمنعه بهذه الطريقة.
المشكلة أن المنع لا يحدث إلا لكتب تحمل فكرا بينما تجدها تسمح بتلك الشعوذات التي تملأ المكتبات الأردنية حول الغيبيات والشياطين والجن والتي تزيد الناس جهلا فوق جهل، في تحالف غير مقدس بين دائرة المطبوعات والفكر الأصولي المنتشر بقسوة في الأردن منذ سنوات برعاية حميمة من دوائر الرقابة.
الأردن لا يستحق دائرة المطبوعات والنشر ومن الضروري إغلاقها وإيجاد أعمال أكثر إبداعا لموظفيها في مؤسسات الدولة الأخرى فلا يمكن لنا أن ندعي الحرية والديمقراطية والتقدم والحداثة وأننا نموذج في الحرية الثقافية مع وجود هذه الدائرة ، والتي قد لا تكتفي بمنع كتاب بل المطالبة بتوجيه تهم قضائية للمؤلف مثل الشاعر إسلام سمحان والذي حولته الدائرة إلى متهم بالكفر والردة تاركة حياته معرضة لأذى من كل مهووس يريد دخول الجنة عن طريق "تغيير المنكر بيديه"!!
كما لا ننسى الجريمة الحقيقية التي ارتكبتها الدائرة قبل سنوات بحق الشاعر موسى حوامدة ليس فقط بمنع ديوان شعري له بل بملاحقته قضائيا 4 مرات حتى بعد قرار الإستئناف لمصلحته في حملة انتقامية تعتبر عارا على تاريخ الحراك الثقافي في الأردن وهي قابلة للتكرار مع اي مؤلف آخر.