دخل نظام الفوترة حيز التنفيذ مطلع الشهر الحالي.النظام الذي نص عليه قانون ضريبة الدخل الجديد، يعد خطوة متقدمة للوصول إلى نظام ضريبي فعال والحد من التهرب والتجنب من جانب المكلفين.
البداية مرتبكة بعض الشيء، وثمة مقاومة من بعض الأوساط المهنية للنظام لاعتبارات معروفة. دائرة ضريبة الدخل من طرفها أعلنت عن تقديم المساعدة الفنية مجانا للمكلفين أفرادا ومؤسسات، لضمان التكيف وتقديم الخدمة للمراجعين.
لكن قلة من الناس على مايبدو سمعت بالنظام وموعد تطبيقه، فحملات التوعية كانت خجولة ولفترة زمنية قصيرة. في مصر على ما أذكر نظمت الحكومة قبل سنوات حملة إعلامية استمرت لسنتين تقريبا لشرح مضامين قانون جديد لضريبة الدخل، واعتمدت على وسائل فنية وتصويرية مبتكرة لجذب اهتمام المواطنين.
لم نشهد مثل هذه الحملات في الأردن أبدا، باستثناء إعلانات وتصريحات جافة تفتقر لعنصر التشويق والشرح المبسط.
ثقافة الفاتورة في الأردن تعتمد على إجراء من طرف واحد. المواطن لم يتعود طلب الفاتورة إلا في حالات نادرة، دائما ما يكتفي باستلام الفاتورة إذا ما قدمت له في المحال التجارية، وما أن يغادر المتجر حتى يلقي بها في سلة المهملات.
نظام الفوترة عموما لن يكتب له النجاح إذا لم يرتبط بمصلحة مباشرة لمتلقي الخدمة أو مشتري السلعة. ببساطة لماذا يتعين على المواطن طلب الفاتورة إذا لم ترتبط بحافز ضريبي مباشر؟
على سبيل المثال زيادة نسبة الاعفاءات الممنوحة للفرد أو الأسرة مقابل تجميع قيمة معينة من الفواتير، أو تخفيض أسعار خدمات حكومية يتلقاها المواطن إذا ما التزم بتقديم فواتير حصل عليها لقاء شراء خدمات أو سلع.
الكثيرون من مقدمي الخدمات وبائعي السلع سيسعون للتحايل بعدم إصدار فواتير قدر المستطاع، وغياب الحافز عند متلقي الخدمة سيساعدهم على تجنب إصدار الفاتورة.
في المرحلة الأولى من تطبيق النظام هناك حاجة لتحفيز الدافع عن المواطنين، إلى أن تستقر الفوترة كثقافة مجتمعية، لكن دائرة ضريبة الدخل تريد تحقيق غاياتها دون تحمل أي كلفة، واخشى في المحصلة ألا تحقق العائد المرجو من الفوترة.
رغم ذلك فإن الوقت لم يفت على تعظيم المردود من نظام الفوترة. حملات التوعية على سبيل المثال يجب أن تستمر ولكن بأدوات مبتكرة وخلاقة، وبالاعتماد على خبرات شركات لها باع طويل في هذا المجال. وفي الوقت ذاته تطوير حزمة من الإجراءات الضريبية لتحفيز المواطنين طلب الفاتورة، وربطها بالإعفاءات الممنوحة وفق نصوص القانون.
تحت ضغط الحاجة لدعم موارد الخزينة والوفاء بشروط التفاهمات مع المنظمات الدولية، أقر القانون الجديد لضريبة الدخل، الأمر الذي حال دون منح المكلفين سنة سماح لحين شرح أبعاده ونصوصه، وتطوير القدرات الفنية اللازمة لتطبيقه كنظام الفوترة مثلا. وقد تمر السنة الأولى على القانون دون تحقيق كامل الغايات المنشودة منه. المهم أن نؤسس لثقافة تجريم التهرب الضريبي، ونعمم ثقافة الفوترة وربطها بنظام فعال يكفل حقوق الخزينة والمكلفين والمواطنين جميعا.
الغد