مَنْ يَنْثَني أولاً .. المجلس العسكري أم «دُعاةُ الدولة المدنيّة»؟
محمد خروب
02-07-2019 12:17 AM
دخل السودان مرحلة جديدة أسّست لها مليونية الاحد الدامي التي انطلقت في عموم السودان بمناسبة «ثلاثينية» الانقلاب الذي قاده المعزول عمر البشير في 30 حزيران عام 89. والذي سقط قبل ثلاثة أشهر بعد إدخاله السودان نادي الدول الفاشلة.
صحيح ان الجيش وباقي المؤسسات الأمنية وبخاصة قوات التدخل السريع (الجنجويد سابقا) قد اسهموا في وضع حد لمواصَلة البشير حكمه الإستبدادي، الا انه صحيح دائما ان التطورات التي حدثت بعد الإعلان عن «اقتلاع» النظام، والسقوط المُفاجئ للجنرال بن عوف وزير الدفاع على نحو جاء بالفريق البرهان ونائبه حميدتي قائد قوات التدخل السريع، قد دفع بالشكوك الى ذروتها بأن هجمة مضادة من داخل نظام البشير، قد نجحت في كبح القوى الراغبة باجتثاث النظام مُبقِية مفاتيح القوة في يدها.
وإلاّ لما رأينا كل هذه المماطلة ومحاولات شق صفوف المعارَضة وبخاصة التي تنضوي تحت راية «إعلان قوى الحرية والتغيير» حيث بذلَت قوى نافذة داخل المجلس العسكري جهودا مضنية، كي تحول دون مواصَلة القوى تصدّر المشهد وبروزها ممثلاً أقوى للمعارَضة. وهو ما حاول وما يزل الجنرال (حميدتي)، الذي يرى كثيرون انه «الرجل الأقوى» داخل المجلس العسكري، فضلا عن الدعم مُتعدّد الأوجه الذي يلقاه من عواصم إقليمية.
لهذا ايضا غدت المناورات ولعبة شراء الوقت، ملّجأً للجنرالَين.. البرهان وحميدتي، بهدف التنصل من الاتفاقات السابقة والدفع بقوى عشائرية وقَبلِيّة وخصوصا تلك التي شكلت خزانا بشرياً لنظام البشير.. الى الواجِهة، في محاولة لمزاحَمة (حدود الاشتباك) قوى الحرية والتغيير، على النحو الذي برز فيه مؤخرا تحالف «تنسيقية القوى الوطنية و«الحزب الأهلي السوداني» الذي احتفى بقيامه الجنرال حميدتي، عندما تم توحيد زعماء الإدارات الأهلية في كيان سياسي.
بدا واضحا للجميع انه مُفتعَل لكنه «ورقة» يمسك بها المجلس العسكري، بهدف نزع «التمثيل» عن قوى الحرية والتغيير المطالِبة بإقامة دولة مدنية، بعد انتهاء المرحلة الانتقالية حي يحاول العسكر التنصّل من الاتفاقات السابقة والتي تَرجَمتْها مذبحة الثالث من حزيران الماضي، عند فضّ الإعتصام بطرق بشعة وإجرامية.
مليونية الأحد المُدوِية أجبرت المجلس العسكري العودة الى طاولة المفاوضات مع قوى الحرية والتغيير، رغم كونها مناورة اخرى لشراء الوقت، بعد فشل تحذيراتهم للجماهير من تبعات تظاهراتهم. ولكن تبقى في ذاكرة قوى الحرية والتغيير تهديدات قائد الجنجويد الجديدة (حميدتي) وخصوصا رئيس المجلس الجنرال البرهان، الذي يبدو أسير قائد الثورة المضادة (حميدتي)، عندما قال (البرهان) قبل يومين: انهم سيصِلون الى اتفاق سريع مع الحرية والتغيير والأحزاب السياسية «الثانية». ما يعني ان الجنرالات ليسوا في صدد تسليم السلطة للمدنيين، ويحدوهم الامل بإعادة تأهيل «النظام» السابِق، يُساعِدهم في ذلك الموقف المُثير للتساؤلات، الذي يقفه رئيس حزب الأُمّة الصادق المهدي.
الراي