ازدياد الطلاق ظاهرة ام مشكلة اجتماعية؟
د. محمد حيدر محيلان
01-07-2019 03:31 PM
لقد ارتبط الطلاق بالزواج منذ خلق الله ادم على الارض وعلى مر العصور . وقد أبيح الطلاق لحل مشكلة زوجية تتفاقم، وقد وصلت الى طريق مسدود،ومع اني اشجع الطلاق عند هذه الحالة ولو كان هناك اطفال لان الانفصال وذهاب كل الى منزل مستقل ،وزوج ام او زوجة اب او بدون زواج ،قد يكون أهون من النزاع المستمر بين الزوجين على مرأى ومسمع من الاطفال ،مما يشوه نفسياتهم وسلوكهم ويشربهم معايير خاطئة للتعامل الافضل والامثل بين الزوجين، ويؤدي ذلك لنقل ونسخ التجربة الفاشلة لاسر الاطفال الجديدة.
اصبح الطلاق اكبر من ظاهرة سلبية أو معتلة، بل مشكلة يعاني منها المجتمع الاردني بل العربي اجمع وحسب الاحصائيات التي نشرتها الجهات الرسمية ان نسبة الطلاق الى الزواج في المجتمع الاردني هي 1/5 اي كل خمس حالات زواج يوجد حالة طلاق وكل يوم يتم تسجيل 55 حالة طلاق او اكثر من بينها حوالي 4 حالات طلاق قاصرات.
اليست هذه مشكلة يجب دراستها والبحث عن حلول لها؟! هناك أسباب للطلاق المبكر منها اجتماعية واقتصادية وثقافية وفكرية، والاهم هو الاسباب الاخلاقية.
كخيانة احد الزوجين للاخر، والذي اتاح ذلك وساعد في تسريع المشكلات هو اتاحة التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي بين يدي الازواج ، فكثير من حالات الطلاق اليوم اسبابها الهاتف وما يضم من وسائل التواصل المختلفة التي اتاحت وصول واختراق الاسر وتخريبها بقصد وبغير قصد، طبعا مع غياب كثير من الضوابط والاخلاق والمعايير الدينية والاجتماعية المحترمة، والانفتاح على مسلكيات ومعايير تتنافى مع اصالتنا العربية وديننا الحنيف، فاصبح الشباب من الجنسين يطبقون ويمارسون القيم والسلوكات الغربية والغريبة على مجتمعاتنا المحافظة.
كان قبل قرون الذي يوجه الشباب والبنات اهاليهم والقيم المجتمعيةالسائدة والدين، ثم اصبح التلفاز والاعلام، ثم الجامعات والمعاهد، حتى اصبح الان يوجههم الهاتف وشاشته، التي هي مدخل ونافذة الى العالم بكل ما فيه من خير وشر، وغث وسمين، وانحرافات وتطرف ، وكفر وردة، عالم متنوع المعرفة ومحيط واسع مخيف، وان جيل اليوم يغرف من هذا المحيط ويهرف بما لا يعرف ،وبدون توجيه ولا بوصلة مرشدة .
سبق وتنبأ الرسول عليه السلام بهذا الواقع فقال حلا للمشكلة اذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه ، لان صاحب الخلق والدين ينأى بأسرته عن السيل الجارف والموت الزاحف.
ولكي نسعى لحل مشكلة الطلاق لا بد ان نعيد مراجعة وسائل تشكيل القيم والمعايير لدى الشباب من الجنسين، وذلك عن طريق المدرسة والجامعة والاعلام والمسجد ووسائل التواصل الاجتماعي وهي الاهم .
فلابد من ادخال مناهج التوعية والتربية والثقافة الاسرية الصحيحة والعلمية في مدارسنا وجامعاتنا، ولا بد من وجود مناهج للشباب تعنى بادارة الاسرة وتوضح دور الزوج وواجباته الاساسية ومهارات حل المشكلات الزوجية والعناية والرعاية بكل حيثيات الاسرة كقيم، وصاحب القوامة على الوجه الاكمل دينيا واجتماعيا، وتوفير مناهج تهتم وتوضح دور الزوجة كأم وزوجة تعرف حقوقها وواجباتها، اصبح واجبا مع غياب الام الموجهة التي كانت تدرس ابنتها اصول الامومة والطفولة وحسن التبعل دينيا واجتماعيا. ولما لا يكون هناك مناهج اجبارية في الجامعات والمعاهد تعين وتدرب الشباب على التربية والادارة الاسرية كفن وعلم ودين وعبادة ، مثلما تدرس التربية الوطنية كمنهاج في الجامعات، لان فشل الاسرة وخرابها يخرب الوطن والامة ، فلتكن مناهج اسرية ناصحة ونافعة تؤلف من قبل علماء الدين وعلماء النفس وعلماء الاجتماع وهم كثر.
ومن الحلول ايضا للتخفيف من حالات الطلاق ان يشترط على العروسين قبل الزواج او العقد (كشرط الفحص الطبي) شرط حضور دورة تثقيفية تعقدها دائرة قاضي القضاة او اي معهد متخصص لثلاثة ايام او اكثر ،تشرح وتوضح الحقوق والواجبات للعروسين واصول التعامل الاسري ،وفن وعلم وادارة العلاقات الزوجية حسب الاصول العلمية والدينية الصحيحة، وليس حسب ما ينشره اعداء الدين والامة العربية ، فتبين هذه الدورة وتوضح للزوجين اساسيات ومباديء الحياة الزوجية الفاضلة، ووجوب الاحترام المتبادل بينهم، لان العلاقة الزوجية تدوم بالاحترام بدون حب ولا تدوم بالحب بدون احترام كحال زيجات اجدادنا وجداتنا السابقة، وتوضح لهم هذه الدورة الظروف الصحية والفسيولوجية والمادية والاقتصادية التي يمر بها كل منهم، وكيف يتعاملون مع الأخطاء الصادرة عنهما ببساطة وتسامح ،والعمل على حلها بعقلانية، لان كثير من شباب اليوم وحتى الجامعي قد يتعلم ويعرف كل شيء عن العلوم الطبيعية والرياضيات والهندسة والطب واللغات ، وادق الامور عن الالات والاجهزة الاليكترونية الدقيقة، ولا يعرف اي شيء عن فسيولوجية الرجل او المراة، او ابسط حاجاتهم الاساسية والبيولوجية والعاطفية والسيكولوجية، والتي تخرجهم احيانا عن اتزانهم النفسي والعاطفي والاجتماعي، واحيانا الادبي فيتصرفون تصرفات خارج ارادتهم تودي بالعلاقة الزوجية الى الانقطاع ، فمعرفة الشريك بهذة الحالات والتغيرات والسلوكات الطارئة لشريكه تجعله يجد ويختلق الاعذار له ويجد المبرر لسلوكه ، ويعمل على حل المشكلات بينهم بروية وتؤدة، بدل تضخيمها وتفاقمها وتصعيدها لحد الفرقة والطلاق .
ألم تعلم بأن الرسول عليه السلام لم يجز طلاق المراة الحائض ولا النفساء،ولا طلاق الرجل في حالة العصبية الشديدة المخرجة عن الصواب والاتزان ، لماذا ؟ لان الرجل والمرأة في هذه الحالة يمرون في حالة غير طبيعية ، وهي حالة مرضية، وعند زوالها يعود الاتزان والرشد والوعي والصحة لكليهما.
الا يضن معي المسؤولون انه يجب ان يعرف الازواج المستقبليين عن بعضهم وعن امور الاسرة اكثر واكثر واعمق !؟ فاصبح المطلوب ليس معرفة فقط الامور التشريحية للذكر والانثى التي ضمنتها وزارة التربية احد كتب البيولوجيا المدرسية، ولا اضنها ذات فائدة تذكر مع سيل المعرفة الجارف بكل زبده واوساخه الداخل على بيوتنا من خلال شاشات الخلويات، والذي بات يوجه هذا الجيل ويحرفه عن الصواب في كل سلوكياته وحياته، فخلقت لنا امراضا ومشكلات كان اوضحها وابرزها الطلاق.