منذ الأزل، وكل جيل يتعلم من سلفه المهارات التي يحتاجها في الحياة ليتعامل ويتواصل ويعيش ويكسب، إلا هذا الجيل جيل الإنترنت الذي يعيش بيننا، فانهم يتعلمون ذاتياً ويعلموننا المهارات وفنون التقنيات المختلفة ويقنعوننا بجدواها،
جيل الانترنت هم الشباب والشابات الذين ولدوا في عصر الإنترنت تقريباً بعد عام 1990، هذا الجيل الذي ولد على حالة on lineونما وهو يستخدم الإنترنت والهواتف الذكية بكل بساطة، الجيل الذي يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي لأغراض الاتصال والتعارف وأحيانا لمعرفة المعلومات ولبناء آرائه وتوجهاته.
تجد الواحد من هذا الجيل لديه صفحة شخصية أو مدونه يدخلها آلاف الناس، معظهم من خارج وطنه الذي يعيش فيه، وكل خبر عنه يعلمه الجميع لحظة وقوعه، فبمجرد أن يكتب أخوك الذي يعمل في أمريكيا في صفحته بالفيس بوك مثلاً خبراً عن ولادة زوجته ابن جديد، إلا وتجد الخبر قد انتشر في المملكة كلها، والجدة المسكينة لا تزال تتكتم على الخبر خوفا من العين!!
جيل الإنترنت هذا لا يهتم بالإذاعة ولا بالجريدة، فجهاز (iPad) فيه مئات المقاطع الصوتية التي تأتي له بالمعلومة التي يحتاجها أولاً بأول ومن كافة أنحاء الأرض، أما خدمة ٌRSS Really Simple Syndication فتعطيه الخبر وقت وقوعه ولا يحتاج لأن ينتظر الى صباح الغد ليقرأه في الجريدة.
جيل الانترنت يشاهد أكثر مما يقرأ، فتجد أحدهم يشاهد مئات المقاطع وعشرات الحلقات من مسلسل في يوم واحد، على عكس أيامنا عندما كنا ننتظر مسلسل وضحا وابن عجلان اسبوعياً وعلى أحر من الجمر ويا لخسارتنا إذا فاتتنا الحلقة لأي سبب من الأسباب عندها كنا نذهب الى من يسرد لنا أحداث الحلقة ممن لم يفتهم حضورها!
جيل الانترنت طموح لديه ثقة عالية بنفسه بسبب انفتاحه على العالم وبسبب قدرته على الحصول على المعرفة والمعلومات بسهولة وبسرعة، هذا الجيل الذي نتيجة لجرأته في التعامل ينظر إليه الجيل القديم على أنه جيل متغطرس ومغرور،
جيل لديه توقعات عالية، ودائما يسعى إلى كل التحديات الجديدة.. يكفي أن هذا الجيل لا يخشى أن يطرح سؤالا لأي شخص أيا ما كان منصبة إذا وجد أي شيء غير واضح بالنسبة له بمعنى انه ليس لدية العقدة النفسية. كما أنه طموح وفي أحيان كثيرة يكون موجهه نحو تحقيق أهدافه، وأصبحت أدوات تطوير نفسه وتحسينها متاحة بين يديه، هذا الجيل لديه القدرة على التعلم لذلك تجده يميل إلى العمل في الأمور التي يحبها ويشعر أنها ممتعة بالنسبة له،
حتى لو لم يكن درس عنها أو تخصص فيها في مراحل التعليم التقليدية، كأن تجد شخصا مثلا خريج محاسبة ومتميزا في مجال تصميم المواقع الإلكترونية، وصيانة الحاسب الآلي وانشاء تجمعات اليكترونية groups ينضم اليها المئات خلال ساعات..
شباب هذا الجيل يبحث عن الوظيفة المُرضية.. وبيئة عمل إيجابية ومرنة ومحفزة على الإبداع وتعطيه فرصة للتعلم والنمو. ويحبون الحرية في تنفيذ ما يسند إليهم من أعمال بطريقتهم، لذلك فهم يكرهون البيروقراطية والتعقيدات السابقة، وأكثر ما يميزهم أنه يبدعون عندما يحصلون على التقدير المناسب، وسرعان ما يغيرون عملهم ويتركونه بسرعة عندما لا يحصلون على التقدير الذي يريدونه، لذلك تجدهم يتنقلون من عمل إلى عمل بجرأة لم نعهدها نحن الجيل القديم. حيث يلتصق أحدنا بالكرسي ثلاثين سنة وفي بيئة غير محفزة ولا إيجابية ولا مرنة ولا يفكر بالتغيير، لأننا لا نملك الجرأة التي يملكها هذا الجيل!
من المهم جداً أن يأخذ المسئولون وواضعو السياسات بعين الاعتبار طبيعة هذا الجيل الذي خلق ما يسمى بالمواطن الرقمي، عند التفكير في المهارات المستقبلية المطلوبة لنهضة وتقدم واستقرار المجتمع، لكي يستطيعوا تحديد المهارات التي سوف تكون ذات صلة في المستقبل بناء على متطلبات ومهارات جيل الانترنت هذا.
إن فهم هذا الجيل والاتجاهات الجديدة التي خلقها، تمكن واضعي السياسات من رسم استراتيجيات ووضع سياسات تعالج الظروف المتغيرة التي أحدثتها بسبب الابتكار المجتمعي والتغير التكنولوجي واستغلال التطور العقلي الذي حدث بنجاح وبكفاءة عالية.