من يوقف سياسة الاسترضاء والتنفيعات الى الأبد?
فهد الخيطان
12-10-2009 04:58 AM
*** من تجربة الكباريتي باغلاق »الكازية« الى قرار الذهبي بإلغاء كوتات الحج والمسدسات
اعلن رئيس الوزراء قبل اسبوع تقريبا انه سيلغي كوتات الحج للوزراء والنواب والاعيان وبعدها بأيام ذكرت مصادر رسمية ان الرئيس اصدر توجيهاته لكبار المسؤولين في الحكومة بعدم تقديم قطع السلاح خاصة المسدسات هدايا للأصدقاء و»الاحباب« في مسعى من الدولة للحد من انتشار السلاح بين الناس لما يترتب على ذلك من ارتفاع في معدلات الجريمة والتجاوز على القانون.
سياسة التنفيعات في الدولة الاردنية لا تتوقف عند كوتات الحج وتوزيع المسدسات بل تتعداها الى مختلف المجالات والقطاعات, ومع مرور الوقت اصبحت تقليدا يرتقي الى مرتبة القانون واي مسؤول يحاول التصدي لظواهرها يواجه بالمقاومة العنيفة من طرف الفئات المستفيدة.
ويتذكر الجميع الحملة التي شنت على رئيس الوزراء الاسبق عبدالكريم الكباريتي عندما كان رئيسا للديوان الملكي وقرر الغاء كوبونات البنزين المصروفة على حساب الديوان لمن يملكون سيارات حصلوا عليها من الديوان الملكي ايضا. قاوم الكباريتي في ذلك الحين الضغوط وتمكن من اغلاق »الكازية« المجانية والمفتوحة على حساب الخزينة العامة.
كنا في الصحافة نسمع عن هدايا المسدسات لكنني لم اتصور الامر للحظة فكيف لمسؤول مهما علت مرتبته ان يتبرع بتقديم هدية بهذه القيمة من المال العام. ألا توجد جهة تحاسب او تجرد الموجودات من قطع السلاح. ولم اكن اعلم بحجم التجاوزات في تصاريح الحج الا عندما صرح بذلك وزير الاوقاف الاسبق عبدالسلام العبادي ل¯ »العرب اليوم« منذ اسابيع وكشف ان نصف حصة الاردن من التصاريح توزع بالوساطة.
قبل الكباريتي والذهبي وبعدهما حاول مسؤولون تقنين سياسة التنفيعات والامتيازات غير القانونية, بعضهم نجح جزئيا وبعضهم فشل ثم انخرط في ممارسة السياسة ذاتها.
وجاء الى مواقع القيادة مسؤولون لا يعرفون من فن الادارة والقيادة غير تقديم الرشاوى وشراء الذمم وتوزيع السيارات والمسدسات. ولو تسنى لجهة رقابية ان تفتح دفاتر السنوات الماضية لكشفت العجب العجاب وستجد بلا ادنى شك ان عشرات الملايين قد اهدرت في اطار سياسة الترضيات والتنفيعات. ولا ننسى في هذا الباب ايضا الوظائف التي تُفَصّل لاشخاص بعينهم مع تنامي ظاهرة التوريث والتنفيع لابناء المسؤولين والمتنفذين والمنح الدراسية في الخارج التي توهب لغير الموهوبين من المحظوظين.
التصدي لسياسة الاسترضاء والتنفيع ما زالت تتم باسلوب الفزعة, فالحكومة الحالية التي اعلن رئيسها الغاء كوتات الحج هي ذاتها التي منحت قبل اشهر امتيازات غير دستورية للنواب والاعيان وخضعت لسياسة الاسترضاء في التعيينات اكثر من مرة. وقبل ان تحسم الدولة بكل مؤسساتها موقفها النهائي من هذه السياسة فما من شيء يمنع العودة الى اسلوب الكوتات في الحج او تقديم المسدسات هدايا في المستقبل.. اذ يكفي ان تتغير الحكومة ويأتي رئيس وزراء »معطاء« لتتدفق الاعطيات والهبات من شتى الاصناف الى المقربين او من يسمّون بالوجهاء واصحاب المقام الرفيع في البلاد.0
fahed.khitan@alarabalyawm.net
عن العرب اليوم