اليوم هو الأخير في شهر حزيران، شهر يحمل ذكرى أليمة عقب هزيمة العرب في آخر معاقلهم المقدسة غرب النهر، حيث قاتل الجنود والضباط الأشاوس ببسالة ضد جيش الغزاة الإسرائيليين، لقد كان أفراد جيشنا يقفون صفا واحدا لا فرق بينهم كل منهم في ميدانه، ولكنها الخيانة، والمناسبة هنا ليست شرحا بايوغرافيا، لمأساة مستمرة في القدس الشريف الذي لا زال أهله يدافعون عنه، فيما نحن نساندهم سياسيا ومعنويا، وهذا أقل بكثير مما سطره شهداؤنا على تراب فلسطين عام 1967، مسلمين ومسيحيين لا يمكن التفريق بينهم في معتقد ديني أو إرث تاريخي، فهم الشهداء الشهود على التاريخ.
أمس توفيت السيدة «سميرة الفرح» في ميتشغان بأميركي، وهي زوجة الشهيد الدكتور النقيب نورس اليعقوب «ابن مادبا»، الذي ترك خلفه، وهو في الثلاثين من عمره، زوجة شابة وثلاثة أطفال، ليلبي نداء الوطن في إسعاف وانقاذ الجرحى والمصابين من الجيش الأردني في بلدة الزبابده من قضاء الخليل بفلسطين، لقد توفي في السادس من هذا الشهر أي اليوم الثاني لحرب 67، حيث قصف العدو المستشفى الميداني الذي كان يعُالج فيه الجرحى، خلافا لكل الأخلاق والمواثيق.
كان اليعقوب الأردني العربي المسيحي واحدا من بين المئات من معتقده الذين هبوّا دفاعا عن الأرض العربية، لقد قدموا ما يقارب خمسين شهيدا ضمن مرتبات الجيش المقاتل، لم يشعر أحد منهم بأنه غريب عن هذه الأرض، وهذا السرّ الذي جعل ارتباطنا العروبي تحت مظلة الدين الإسلامي والمسيحي حياً طيلة القرون البائدة، أمام الغزاة الذين استسهلوا احتلال الأرض المقدسة في تلك القرون، وجميعهم رحلوا في النهاية وبقي اسم المسيح عليه السلام خالدا على هذه الأرض، فالمسيح لا يحمل الجنسية الأميركية ولا الإسرائيلية.
إن تمازج الدم ووحدة المصير وتاريخ التضحيات يجب أن ينقل للعالم، خصوصا في مدينة القدس وفي محافل كنائسنا جميعا لخطر قادم، أكبر من تفريغ الأرض من أبنائها المسيحيين، والخطر هو العمل الجاري على زرع الفتنة بين المسيحيين وإخوانهم المسلمين خصوصا في مدينة القدس وفلسطين، التي تتعرض لأخطر مؤامرة في هذا العصر، لضرب اللُحمة بين الأهل الأصليين، وما أطرحه هنا هو معلومات ليست جديدة، ولكنها تحذيرات استخبارية تشير الى توجه لإنتهاج خطط لضرب الوئام بين سكان مدينة السلام، وما يتبعها سيكون تسهيلا لهجرة أهلها ولإحكام القبضة الصهيونية لفرض الأمر الواقع.
يجب على الجميع أن يذكرهم بتضحيات الدم الواحد الذي أهرق زكيا على أرض العرب مسيحيا كان أو مسلما وعلمانيا أيضا، في وقت كان اليهود في بلاد العرب يركبون الحافلات للالتحاق بدولة إسرائيل، فيما مقاولو النقل كانوا خونة المال الحرام، لذلك علينا إحباط أي فتنة بين العائلة لخدمة دوائر سياسية خبيثة، فليحذر الجميع من هذا المخطط الخطير على مستقبل بلادنا.
Royal430@hotmail.com
الرأي