facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ذيبان .. السحر والروعة في بوح المكان


علي السنيد
30-06-2019 12:12 AM

في ذيبان يأخذك سحر المكان الى نزهة شيقة عبر التاريخ وتحديداً الى منتصف القرن التاسع قبل الميلاد، وفوق مساحات شاسعة في اعماق الزمن الزاخر بالمجد في الاردن، والمليء بالأحداث والوقائع، وحيث ميشع الملك المؤابي العظيم يفرض حضوره الملكي في جو من المهابة على احدى تلالها الشماء فترى عبق التاريخ يفيض على تلك البقعة التي ضمت احجارها قصر الملك العظيم، والتي ما تزال تخبئ تحت ركامها وتناثرها وتربتها الندية حكاية الملك قاهر اليهود، وعاصمته "ذيبون" .

وقد اثرت ان تظل الى اليوم كنزا عصيا على الكشف الاثري ام ان هنالك من سيجرؤ على ان يرفع طائفا من النسيان عن هذا التاريخ الذي يعبق بالعزة رغم انف اليهود، ويعيد بناء القصر ، والتاريخ الذي يحويه.

ومسلة ميشع - الشاهد التاريخي- ما تزال تحدث من متحف اللوفر في باريس عن صانع مجد ذيبون ملك مؤاب العظيم، ويقرع اجراس التاريخ، وهو يقول " ولكن كموش جعلني اراه مهزوماً من امامي، وبادت اسرائيل.... بادت الى الابد".

وذيبان وارثة مجد مؤاب، وتكمل مسيرة الجلالة والمهابة بروحها الثائرة على العتمة، والمستمدة من عبق ميشع، وانتصاراته على اليهود كما اورد ذلك في مسلته الشهيرة.

وفي وجهة اخرى يأخذك السحر والالق الى احدى عجائب الطبيعة حيث "وادي ارنون" ، الذي يطلق عليه اليوم وداي الموجب، وقد انبثقت الجبال من زاوية حادة الى حد ان تنطق بالعظمة والجمال، وحيث تكشف الطبيعة عن احدى وجهاتها الساحرة المقتبسة من الازمنة البعيدة، والاوابد التاريخية.

وقد ابدعت اليد الاردنية الماهرة في تحوير هذا الملتقى من الاودية الحادة الى سد الموجب ليضيف الى روعة المكان تجمعا لبحيرة صغيرة تخط باناملها الذهبية كل يوم قصة الانسان، والماء.

وتحث الخطى سريعا ، وتمتطي صهوة اللحظات في رحلة نادرة الى مجرى سيل الواله والهيدان، وحيث ايقاع الماء على الارض التي تحتضن منذ القدم الينابيع والبرك والشلالات، وتظل في عبور دائم .

وعلى مسافة عدة كيلو مترات من اسفل سد الوالا وعبر مجاري السيل والملتويات الصخرية ترسم لوحة هادئة تحاكي الروح، وصولا الى "الملاقي" وحيث مصب السيل في البحر الميت، وبما يشبه القبة التي تلتقي مع السماء، وبما يشي بحقيقة البوح الازلي.

وان الواله ايقونة في الجمال، وسحر الطبيعة، وخاصة في فصل الربيع الذي تتفتق فيه الازهار في عرض كرنفالي جميل مغر ابدعته يد الخالق سبحانه.

وعلى جنبات السيل تتناثر المزارع الخضراء، في رقعة ارضية بديعة ، وترى الارض حانية على الزرع، والجمال، وتتفتح لوحة طبيعية من فرح الطبيعة على جنبات الوادي، مزدانة بالزهور والنباتات من كل نوع تحيط بها الجبال الشاهقة التي تغري الزوار بصعودها ، والانحدار مع تعرجاتها ، والتمتع بسحرها الاخاذ.

تباركت الارض التي ضمت مقام الصحابي الجليل ابو ذر الغفاري في مقام نائي على الطرف القصي من "الشقيق"، وهو يروي جانبا من وحدة هذا الصحابي الذي ما اقلت الخضراء، وما اظلت الغبراء بأصدق لهجة منه ، وقد عني سكان المنطقة بالمقام فأثروا دفن موتاهم الى جواره، وهو يضم اليوم اثراً باقياً من البناء الحديث دالاً عليه.

اما مليح فتستلقي على ناحية من القلب، وحيث سد الوالا يسرح جدائلها الجميلة مع كل اطلالة يوم.

وفي لب والغدير وبرزا والقاسمية والعالية والمشرفة والذهيبة ، والقريات وفلحا والدليلة والمريجمة وام شجيرة ، وام شجرة اثر من التاريخ يحاكي قدم الزمان وعبور الممالك والدول والحضارات عليه تترا.

يهبط المساء بالسكينة على مكاور التي يصلها السائح من مأدبا ماراً بقرية لب، وعبر طريق منعرج حيث تفيض روح الارض بالتضحية والفداء ، وهي التي منذ الاف السنين ترقب صامتة اثر خيوط الشمس الغارقة في زرقة البحر الميت، وحيث البحر يستحم في عين الزمان، وعلى مقربة منها.

وما تزال مكاور يتوشحها الحزن التاريخي العميق، ويلف الصمت المغر والكهوف والتلال التي شهدت مأساة قطع رأس نبي الله يوحنا المعمدان، وحيث قدم الملك هيرودس رأسه لهيروديا والدة الراقصة سالومي في عيد ميلاده الدامي.

وتظل قلعة مكاور احد الشواهد التاريخية على حكم الرومان .

اذا يممت صوب جبل بني حميدة فلن تبرحه حتى تلتحف بالماضي الجميل ، وتقف على احدى بقايا الموروث ، وسترى البسط التي تسمى بنسيج بني حميدة، وسترى بعض البيوت الحجرية القديمة باقية حيث صراع الانسان الاردني مع عوامل الزمن ليصنع قصة بقاءه في ارضه.

وعلى مشارف الزارة التقاء منحدر حتى البحر الميت، واطلالة نادرة على اطراف فلسطين الحبيبة.

وهناك على الجانب الاخر في المثلوثة لا تبرح عيناك تقع على بعض بيوت الشعر التي تتناثر على حواف الطرقات لتدل على اصل البداوة. وتستمتع بمنظر الخيول التي تقاوم تطورات الزمان، وكذا قطعان الماشية السارحة على شواهق الجبال التي تحيط بسهولها الخصبة وحيث تحكي الارض ذكريات " مدعق العرب"، ومقاومة المستعمر ورفع شعار "المنية ولا الدنية" .

في ذيبان انتجت المرأة البدوية الصابرة غذاء بيتها من اللبن والجبن والجميد ، والزبدة والسمن، وكذا خبز الشراك بصناعة يدوية ماهرة. واتقنت تفجير طاقات العطاء في الاجيال، وحيث يعد لواء ذيبان من اكثر الالوية تعليماً وثقافة في الاردن.

فعظيمة هي المرأة الذيبانية التي جمعت بين الاصالة والحداثة وقد ارتقت اليوم في مدارج المعرفة، وواكبت متطلبات المستقبل.

وفي رحلة عبر الاصالة والتاريخ لن تبرح المكان حتى تسلم على الجبال والسهول، والهضاب، والوديان، وتلقي التحية على المسطحات المائية ، ومجاري السيول ، واطلال الزمن، والاوابد التاريخية.

وعلى الناس الطيبين, وتكتحل عيناك بالحنين الى الارض التي تثير فينا دائما نشوة السحر والجمال والالفة، وتستحضر مراتع الصبا ، وومضات الماضي الجميل.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :