مسخ جديد يولد في "ثقافة" الإسلام السياسي
سليم النجار
29-06-2019 07:30 PM
يحرمون الموسيقى !
- هل اطلعتم على ثراء الموسيقى العربية؛ إذا طالعوا كتاب الأغاني لأبي فرج الأصفهاني فهو يصف بإسهاب جوانب مشرقة من حياة العرب الموسيقية الثرية ومجالسهم الموسيقية التي كانت تضم عازفين ومغنين بالمئات؛ بقيت الموسيقى العربية في العصرين الموي والعباسي من تدوين واسع؛ وظلت تتراوح صعوداً وهبوطاً حتى مجيء القرن التاسع عشر حيث بدأ تأثير الحضارة الأوربية يظهر عليها؛ فبدأ عصر التدوين في القرن العشرين بعد أن تحولت الموسيقى إلى علم يدرس في المعاهد إلى جانب العلوم الأخرى.
وعزف الفارابي فأجاد؛ وشع من نور الحضارة العربية الاسلامية؛ خاصة في بغداد والأندلس إشعاع باهر من الغناء والموسيقى؛ عده الدارسون العرب الثقاة؛ من النشاطات الإنسانية النافعة الأثر؛ فهذا أبو حيان التوحيدي يقول :"الغناء معروف الشرف؛ عجيب الأثر؛ عزيز القدر؛ ظاهر النفع في معاينة الروح؛ ومناغاة العقل؛ وتنبيه النفس؛ واجتلاب الطرب؛ وتفريج الكرب؛ وإثارة الهزة؛ وإعادة العزة؛ وإذكار العهد؛ وإظهار النجدة؛ واكتساب السلوة؛ وما لايحصى عدّه". وهذا بتهوفن من العصر الحديث يقول :"الموسيقى وحي يعلو على كل الحكم والفلسفات".
وكتب الفارابي "الموسيقى الكبير" فيه علاج لما سموه "علل العته العقلي" كان العازفون يعزفون مقامات مختلفة بحسب حالة كل مريض.
في عصرنا الحالي أصبحت الموسيقى تشكل رافداً هاماً في الدخل القومي؛ لعل البعض من يقرأ هذا يضحك في داخله؛ ما علاقة الموسيقى بالاقتصاد؟ ويكفي الإشارة أن قطاع الموسيقى في بريطانيا قد دعم الاقتصاد في البلاد بأكثر من أربعة مليارات جنيه استرليني في عام واحد وهو العام ٢١٠٤.
والموسيقى أصبحت سلعة ثقافية؛ تؤثر في نمو الاقتصاد القومي للشعوب؛ لم تعد ترفاً كما يتوهم البعض.
هل فكر العرب؛ او البلدان التي لا تملك نفطاً بالموسيقى؟ ليتذكروا أن عائدات الولايات المتحدة خلال عام واحد؛ بلغت ٧٠٧ مليار دولار أميركي من الموسيقى.
القضية برمتها هي قضية أخلاقية؛ إذ الموسيقى ترتقي وتسمو بها؛ بدلاً من تحريمها وتكفيرها كما تفعل أحزاب الإسلام السياسي؛ التي لم تأخذ وتنهل من تراثنا العربي الإسلامي الفني؛ ونهلت من بعض مصادر تراثية تُمجد الموت على الحياة. وحسبنا في هذا المقام قول أمير الشعراء أحمد شوقي:
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا