التزامات الرباط .. ما الذي تبقى منها؟
د. صبري ربيحات
28-06-2019 12:33 AM
الشاعر اللبناني الراحل سعيد عقل كان معتدا بعروبته يتغنى بأمجادها وتاريخها فيعبر عن فخره بانه من الجبل الذي يصل بين الارض والسماء “انا حسبي انني من جبل.. هو بين الله والناس كلام”.
ويخاطب الشام مذكرا بعظمة دورها ومكانتها قائلا: “أهلك التاريخ من فضلتهم ذكرهم في عروة الدهر وسام، امويون فإن ضقت بهم.. الحقوا الدنيا ببستان هشام”. نعم لقد كان بستان هشام بن عبدالملك مركز العالم حيث بلغت في عهده الدولة العربية الاسلامية اوج عظمتها وغطى نفوذها ثلاث قارات في العالم.
رحل سعيد عقل واحمد شوقي والمئات من اهل الفكر والشعر والسياسة الذين آمنوا بالعروبة قبل ان يشهدوا التصدعات التي اصابت بنية الأمة وهزت كيانها. بعض التصدعات نجم عن تحجر النظم السياسية وغطرسة الحكام وانعدام التنمية والتزاوج بين السلطة والجهل. الحنين للماضي ومعاداة وشيطنة الآخر عمق عزلة الأمة واضعف قدرتها على التفاعل والتأثير.
آخر الاسهامات العربية للقاموس الحضاري للانسانية تتمحور حول القتل والاغتيال وصناعة الخوف والموت. فالكل يعزو مفردات Assassination وAl jihad وCar bombing للعرب والمسلمين بعدما كان العرب روادا في الطب والرياضيات والفلك والجغرافيا والفلسفة والملاحة البحرية.
في رؤوس الكثيرين منا اسئلة حول بعض المفاهيم والقناعات والجمل التي اصبحت مثل وصفات الدواء المعدة للانفلونزا والصداع. معظم الاسئلة تحركت في الاسابيع والايام الماضية واخذت تلح علينا ونحن نتابع مجريات الورشة الاقتصادية التي استضافتها مملكة البحرين واشرفت عليها الادارة الاميركية تحت عنوان الازدهار والسلام.
لا اظن ان عربيا راشدا لم يسمع بمصطلح الممثل الشرعي والوحيد. فقد اصبح الكثير ممن ألفوا المفهوم وطربوا لسماعه يرددونه وهم يتحدثون عن الاصدقاء والاخوة ليقول احدهم وهو يشير الى صاحبه “اقدم لكم صديقي الشرعي والوحيد فلان” فيفهم من ذلك مداعبة محببة لكنها مرتبطة بمفهوم آخر تولدت في ثقافتنا العربية وصار مكونا اساسيا من مكونات حديثنا ولغتنا السياسية والقومية.
لسنوات طويلة ومنذ مؤتمر الرباط الشهير في سبعينيات القرن الماضي واتخاذ القمة العربية لقرارها الشهير باعتبار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد والجميع يردد سيمفونية الاعتراف بالقرار ويذكرون انفسهم بالنص ويتعاملون مع المنظمة باعتبارها المرجعية الاساسية والوحيدة التي يسترشد فيها العرب عند بحث القضية او التصويت على مشاريع القرارات واصدار البيانات الخاصة بفلسطين.
في الأردن لا يخلو اي بيان ختامي للقاء ثنائي مع الاشقاء الفلسطينيين من النص الذي يؤكد على وقوف الأردن الى جانب الاشقاء الفلسطينيين ودعم مطالبهم الشرعية في تأسيس دولتهم المستقلة على حدود الرابع من حزيران العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
ما يحدث في اللقاءات بين الفلسطينيين والعرب لا يختلف عما يحصل في لقاءاتهم مع اشقائهم الأردنيين، فالكل يحفظ النص ويتقيد بحرفيته لدرجة اصبحت آذان العرب معتادة على النغمة ويرددها الجميع بمناسبة وغير مناسبة. قبل اعوام استهجن الكثير ممن شاهدوا وقائع زيارة احد رؤساء الوزارات العرب الى تركيا تلعثم الرئيس العربي وارتباكه وهو يحاول تذكر النص الذي اصبح كتعويذة يتقنها الجميع ويستخدمونها مثل كل الطقوس الخاصة بهم.
اليوم وبعد اجتماع العرب في المنامة يتجدد السؤال القديم حول اذا ما كان اخوة الفلسطينيين يقفون الى جانبهم لنيل كامل حقهم على أرضهم.
الغد