عمون - لم تكن حياة ام بشير (أسم مستعار)، المرأة المسنة التي تعيش بالحي الشرقي في منطقة صويلح، في يوم من الايام أفضل مما هي عليه الان.

ام بشير بدأت شبابها بحياة آليمة، صعبة، تكاد الجبال لا تقوى على حملها، بعد ان توفى عنها زوجها تاركا لها ابن وعدد من البنات، بلا معيل، إلا انها صمدت شامخة في وجه الحياة.

امضت ام بشير عشرات السنوات في رعاية اطفالها، تؤمن لهم طعامهم وشرابهم، ليتناولوه على أرضية منزل يتكون من غرفة واحدة ملحقة بشبه مطبخ وحمام، ولها فيئ صغير امامها، على أمل ان يكون مستقبلهم لهم ولها.

كبر بشير وصار يساندها بالصمود، وكبرن بناتها، وبدأت ام بشير باستشراق الحياة، تزوجن البنات، حتى بقيت واحدة تعيش معها في منزلها الصغير، وتزوج بشير، وانجب من الاطفال ثلاثة، ثم زارت لعنة الموت أمه مجددا خاطفا منها ابنها الشاب، ومخلفا لها 3 اطفال لتبدأ من جديد مشوارها مع المعاناة والالم.

تكررت قصة حياة ام بشير، لكنها لم تعد شابة، وصلبة، كما كانت، وبدأ منزلها بالتهالك شيأ فشيء، حتى صارت جدرانه الأربعة آيلة للسقوط، تدخله الماء شتاء من ثقوب الحيطان، والحرارة صيفا من شق يمر به انسان، ومع ذلك تكفلت بإعالة ابنتها والاطفال الثلاثة، معلنة الصمود مجددا.

ام بشير تتقاضى 80 دينار شهريا، من وزارة التنمية الاجتماعية، ولا تطلب المعونة من أحد، تعففا، لكنها لا ترفض ما يجود به من يعرف حالها.

منزلها يخلو من كل شيء، إلا من دفئ قلب أم كرست حياتها لتحيي اطفالا تأمل بهم مستقبل ترجو من الله أن يكون مشرقا.

وسط ضجيج قرارات حكومية لا تزيد الفقير الا فقرا، ولا تعرف إلا رفع الأسعار، يختفي صوت ام بشير وتتكسر اسلحتها التي تجهد للصمود بها في معركة جديدة رافعة راية النضال، دون معرفة من تواجه فيها.