لا الأردني يقبل ولا الفلسطيني يرضى !
شحاده أبو بقر
26-06-2019 09:38 AM
بداية يثير السخط الإتهام الذي يمارسه البعض ضد أشقائنا عرب الخليج بأنهم باعوا القضية ، لا ، هؤلاء الأشقاء لم ولن يبيعوا ولطالما كانوا عبر العقود أكبر الداعمين وما زالوا للقضية وشعبها الشقيق ، فلا تدفعوهم صوب الجدار بمواصلة الإتهام الذي لا يلتفت إلى ضرورة تقدير ظروفهم هم أيضا ، فهم عرب ولن يتخلوا تحت أي ظرف كان .
وبعد : إنها خلطة غريبة عجيبة تلك الصفقة الصفعة التي أخذوا يسمونها وللتو ، فرصة ! ، وهي ولكل نابه ، ليس لها من منتج نهائي مدروس صهيونيا وبعناية فائقة ، سوى أنها تصفية كاملة غير منقوصة أبدا لقضية فلسطين ، وتهجير للشعب الفلسطيني إلى الأردن لإقامة ما يسمونه الوطن البديل .
هم يتحدثون عن حل تاريخي للقضية ، وهو بالنسبة لهم صحيح ، فلا
( فلسطين )بعد إنجاز الصفقة على مدى خمس سنوات متدرجة ، ولا ( أردن ) كذلك ، وإنما كيان فلسطيني بديل للمملكة الأردنية الهاشمية ، ثم بعد ذلك ، تمدد إسرائيلي يكفل قيام ما يرمون إليه وهو ( إسرائيل الكبرى ) .
هذا هو المخطط الذي تقوله تصريحاتهم بدهاء ، وذلك هو حلمهم الذي يستوجب إبتداء ضمان ما يسمونه الأمن القومي الإسرائيلي ! ، لا حظوا ، الأمن القومي وليس الوطني مثلا ، ولاحظوا أكثر ، شبكات طرق وسكك حديدية كبرى ، وهذا كله هو خريطة إسرائيل الكبرى التي أعاد رسم ملامحها الثالوث الصهيوني الشهير ، وعلى نحو فاجأ حتى نتنياهو نفسه .
هذا المخطط الجهنمي الذي تدرك دول أوروبية وأجنبية أخرى أبعاده ومراميه وتتمنى منا نحن العرب إفشاله لتعارضه مع مصالحها الحيوية تاريخيا في إقليمنا ، مواجهته وإفشاله بسيطان جدا .
فقط مطالبون نحن الأردنيين والفلسطينيين ومعا تحديدا ، برفض سائر مخرجاته ، حتى لو غمرونا بكل مليارات الكوكب ، وحتى لو ضيقوا علينا سبل العيش أكثر وأكثر ، فالأردن الوطن وفلسطين الوطن ، هما كرامتنا وشرفنا معا ، ولست أخال أردنيا إبن أردنية ولا فلسطينيا إبن فلسطينية ، يمكن ان يقبل أو يرضى بالتخلي عن شرفه وكرامته ، وإلا فتحت الثرى أكرم وأفضل الف ألف مرة .
بصراحة اكثر ، رهانهم إن تلكأت صفقتهم هو على إحداث فتنة وفوضى هنا على ارض الاردن ، وهو رهان خاسر بعون الله متى كنا يدا واحدة وصفا واحدا ليس بيننا خارج عن الصف مغرد خارج السرب ، فلقد تحملنا منذ العام ١٩٣٦ ، كل النكبات والمعاناة وتقاسمنا المرة والحلوة على ندرتها ، ولا يضيرنا واجيالنا من بعدنا أن تتحمل أكثر حتى الخلاص الأخير من هذا الكابوس الجاثم على صدورنا جميعا .
هزتني وأسعدتني دمعة الملك اليوم بين شباب الوطن وهو يستمع ويشاهد تسجيلا لخطاب والده الحسين رحمه الله مبشرا بمولده وبنذره من أجل الأمة والوطن ، هزتني إنسانيا أن أرى الملك يذرف دمعة عفوية ، وأسعدتني وطنيا وقوميا إذ تيقنت أن هذا الشبل الهاشمي الشجاع لا يمكن أن يقبل بالدنية لا سمح الله على حساب وطنه وأمته وقضيتها المركزية الأولى .
خلاصة القول ، لا يخدعنكم هدير التصريحات والتهديدات والوعيد ، فمتى قالت الشعوب كلمتها موحدة خلف قادتها الشجعان ، فلا يمكن لقوة مهما بلغ جبروتها أن تصمد أمام طوفان إرادة الشعوب الهادر ، وفي تاريخ الكوكب كل العبر .
لنرتقي معا أردنيين وفلسطينيين في فكرنا وتفكيرنا وترفعنا عن صغائر الأمور ، ولننبذ من بين صفوفنا كل حاقد إقليمي عنصري جاهل هدام ، ولنوقف كل متطاول على أشقائنا العرب الخليجيين عند حده فهم لنا كانوا ويبقون مهما إدلهمت الخطوب ، ولنقسم يمين الوفاء الصادق على الوفاء لفلسطين وللأردن ، ولكل ما هو عربي ، ولتكن كلمتنا موحدة لا مراء فيها أبدا ، فالأردن هو الأردن لأهله ، وفلسطين هي فلسطين لأهلها ، وإن تمادى الأعداء أكثر ، ففلسطين هي فلسطين من البحر إلى النهر ، وليشربوا ماء المتوسط إن لم يرق لهم هذا . والله من وراء القصد