من المفارقات الأردنية المبكية، 4 جامعات أردنية تعلن سرا وعلنا انها عاجزة عن دفع رواتب موظفيها، وهذا العنوان الاوضح للازمة المالية والعجز، ولحظة الصفر ماليا، والانكسار أمام تحدي الرواتب في المقام الاول، فيما يخرج علينا تقرير ليضع جامعات اردنية في مراتب تصنيف اكاديمي متقدمة عالميا.
نبشت في كل أخبار العالم من الشرق والغرب، فلم أعثر على عنوان لاي بلد في العالم يقول إن هناك جامعة عاجزة مالية، وتعاني من أزمة مالية، ولا تسطيع دفع رواتب موظفيها.
الجامعات الاردنية على جوجل أول ما يتصدر الاخبار، خلافات على تعيين رئييس الجامعة والعمداء، أزمة مالية، وازمة رواتب، وطلاب وموظفون يقتحمون مبنى الرئاسة، ومشاجرة عشائرية بين طلاب. ووثائق وشهادات مزورة ومشاجرة في حفل تخريج طلاب.
والسؤال قبل الانشغال بقوائم التصنيف وتحليلها نحتاج الى ندب ولطم، ونظرة حادة للخروج من أرشيف جوجل، وتبييض الصورة قبل الصحفة.
الجامعة عنوان لازمة. وما عادت الجامعة عنوانا للتغير والتقدم والاصلاح في المجتمع. مفهوم التعليم في الاردن انضرب دوره في تغيير الحياة ومواجهة الثقافة السائدة والتحرر والخيال.
والحكومة تتحدث باسهاب عن المستقبل والاقتصاد الريادي والانتاجي ومجتمع المعرفة، فما لا يمكن فهمه أن الجامعة كمؤتة مثلا ازمتها تتقابل في تفكير الحكومة مع أزمة مصنع خياطة ونسيج في المدينة نفسها؟
دراما حكومية تغلق كل الاسئلة بالازمة الاقتصادية. الحكومة تغرس ادواتها البليدة والقديمة دون تفكير في الحلول والتغييرات والنظر بحدية نحو المستقبل، فالطلاب الجالسون على المقاعد الجامعية والمدارس ماذا ينتظرهم في مستقبل مغروس بالالغام؟ سؤال بديهي ما دمنا لا نرضى بالمسلمات والاجابات الجاهزة والمسبقة.
المال غزا التعليم، وتصلح لتسمع بأن فلان وعلان صاروا دكاترة، ويصرخ طلاب من عجزهم عن دفع الرسوم، وادرات الجامعات عن دفع رواتب موظفيها، وفتح بازارات للتبرعات وجمع الاموال مساعدات وهبات.
الجامعة ممر للصعود الطبقي، والتعليم قوة للتحول الاجتماعي. ولكن يبدو أن أزمة الجامعات وتحويلها الى مستودعات للموظفين، وأفواج من الخريجين هي عنوان عريض فاضح لاستقالة العقل والمعرفة والعلم والفكر في المجتمع. فهناك جامعات لم يبقَ منها غير اسوارها ومبانيها المتهالكة وموظفيها الذين ينتظرون رواتبهم آخر الشهر.
الدستور