ما بال هذه الـ «فلسطين» التي لا تريد أن تُدفن؟ وما حكاية هؤلاء الفلسطينيون الذين يُقتلون و لا يموتون؟ منذ مئة عام و هم يقتلوها و يدفنوها، لكن ما أن يديروا ظهورهم، حتى ينمو في المقبرة الزيتون و التين ويولد في المخيم وليد جديد مقابل كل شهيد.
اليوم، وبحضور أهلها، تجري مراسم محاولة أخرى لدفن فلسطين. لكن الضحية، كما هي في كل مرة، ترفض أن تموت. هذا هو قدرها و هذه هي ارادة الشعب العربي الذي يرفض هو الآخر، أن يتخلى عنها مهما اصطنعوا من أزمات و حروب. فهي قضيته الأولى، وبحلها تُحل كل قضاياه المفتعلة.
من وراء القضبان ولد الاسبوع الماضي، نور الدين. ابناً للأسير ذياب كراجة دون ان يلمس زوجته الصابرة في قرية صفا قرب رام الله، بل من نطفة مهربة. هؤلاء هم الفلسطينيون، يتقنون فن الحياة، في المخيمات و في السهول و السجون، في المنافي و في بطن الحوت. يرددون دعاء نبي الله يونس « لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين».
اليوم وعلى مقربة من مؤتمر كوشنر، ومن المحيط الى الخليج، سترفع اليوم أعلام فلسطين.
سيعرض زوج ايفانكا تفاصيل «الصفقة»، أي تعبير حقير هذا لا يليق بقضية شعب اقتلع من أرضه ليسكنها صهاينة من شذاذ الآفاق، أحفاد قتلة الأنبياء والأبرياء ؟!
الصفقة بيع وشراء، فمن الذي سيبيع ومن الذي سيشتري؟ وهل أصبح ثمن فلسطين خمسين مليار دولار بشيك مؤجل الى أن تضم اسرائيل الضفة الغربية والأغوار التي أعلن نتنياهو الذي اصطحب اليها جون بولتون العنصري البغيض في ادارة ترامب أمس، أنه لن يتخلى عنها! المضحك المبكي أن العرب هم من سيدفع الجزء الاكبر من ثمن الصفقة. يعني أنهم سيدفعون ثمن فلسطين لمحتلي فلسطين.
هناك قول قديم «من دهنه قليله» أي من نفس زيته اقلي له. وهذا ما سيحصل ان فرضت الصفقة على العرب. وعلى الرغم من تجويع و تركيع وتكميم أفواه الشعوب العربية الا أن الرهان هو على الشعوب لتقول لا كبيرة لمن يريد أن يبيع فلسطين على طاولة كوشنر اليهودي.
أولئك لا يريدون أن يتعلموا دروس التاريخ الماضي والحاضر القريب. ان عقلية ترامب عقلية الكاوبوي المقامر. يطلق النار على الضعفاء، و عند الأقوياء يولي هاربًا!
ان كنتم لا تريدون تحرير فلسطين فاتركوها لمن يريد لكي لا يلعنكم التاريخ.
الدستور