ومع أنّ موروثنا من الأمثال الشعبية يكتنز مقولة: " كُنْ نسيباً ولا تكن ابن عم" إلّا أنّ بعضنا يتناقض كالعادة حتى مع هذا التراث، فيغضب حينما يكتشف وجود وزير أو مسؤول هام في حكومة ما، على علاقة نسب ما مع مُتنفِّذٍ ما، في مرحلة ما من مراحل الدولة.
النسيب هو الصِّهر. وفي اللغة، الصهر والانصهار يتبعان نفس الجذر الثلاثي، فهل من علاقة بين المفردتين تُفسّر لنا حالة الانقياد الراهنة التي نمرّ بها في إقليمنا الحسّاس؟
كي أقنع نفسي وإياكم معاشر الأردنيين بأنّ أمر تعيينات الأنساب شيء عادي ومألوف، فقد تسكّعتُ قليلاً في شارع الوظائف الدوليّة مع رهطٍ من العاطلين عن العمل. فالتقطنا لكم تعيينات من العيار الثقيل، استفاد منها بعض أصهار رؤساء دول مُعتَبَرة في وقتنا الحالي. جاءت الحصيلة مُدهشة، وبشكل عام فإنّ نتيجتها قد تنفي ظاهرياً وجود علاقة بين أَتْبَاع الديانات السماوية الثلاثة وعيوب تعيينات الأصهار.
الصِّهرُ الأوّل والأشهر هو اليهودي الوسيم "جاريد كوشنر" والذي يقودنا اليوم رغماً عنّا للانصهار مع اجتهاداته التي تفوّقتْ على اجتهادات كسينجر. عَيَّنَ الرئيس الأمريكي "ترامب" زوج ابنته في مركز متقدم بالبيت الأبيض، جاعلاً منه كبير المستشارين والمُبشّر الشرعي والوحيد بصفقة القرن، حتى كاد اسمه في إعلامنا يطغى على اسم وزير خارجيتهم، رغم ضخامة الأخير وحساسية مركزه السابق. لا بل واسترسل الرئيس في التعيين حفاظاً على الاستقرار النفسي للعائلة، فَاَلْحَقَ ابنته الجميلة "إيفانكا" بوظيفة في البيت الأبيض للعمل ضمن الفريق الاستشاري مع زوجها كوشنر. إيفانكا كانت قد اعتنقتْ اليهوديّة، دين زوجها، قبل حفلة زواجهما بثلاثة أشهر.
الصِّهرُ الثاني عَيَّنَهُ الرئيس التركي المسلم "رجب أردوغان". إنّه الوسيم "برات ألبيراق" زوج ابنته الكبرى "إسراء" والذي جعلهُ وزيراً للمالية، أي وزيراً لبيت مال المسلمين.
عَيَّنَ الرئيس اللبناني "ميشال عون" صِهْرَهُ الوسيم "جبران باسيل" وزيراً للخارجية، باسيل هو زوج "شانتال" الذي يتباهى بجيناته اللبنانية مقابل الجينات الأخرى لِلَاجئين ألقى بهم بارود الحروب إلى لبنان.
فإذا كانتْ العلاقة البحثية بين الدِّيانات وعلّة التعيينات قد انتفتْ كما أوضحنا أعلاه، فهل العِلَّةُ تكمن في الوسامة إذن؟.
عموماً، ومع كل هذه التحوّلات الإقليميّة، وتبديل أو تأكيد انتفاء العلاقة بين المتغيرات والصفقات، تبقى مقولة الأردنيين هي الثابت الوحيد المؤكّد في جميع الحالات؛ " كُنْ نسيباً"