الرصد والتقويم وظائف مهمة نتعرف من خلالها على الإجراءات والأعمال التي يتم تنفيذها وقياس درجة فعاليتها وانعكاسات ذلك على واقع المجتمع.
في الادارة والتعليم والعمل السياسي وانفاذ الخطط والمبادرات ومختلف النشاطات تبرز الحاجة إلى اجراء الرصد للجهود المبذولة من حيث ماهيتها وتوقيتها وتكرارها وفعاليتها وكلفتها وملاءمتها والقائمين عليها وآثارها. في كل الاحوال تقدم نتائج الرصد مؤشرات مهمة للادارة والجمهور والباحثين عن مدى النجاح الذي حققته المؤسسة في الوصول إلى الاهداف وتكشف عن طبيعة العقبات والعوائق والاخطاء التي قللت من فرص الوصول إلى الاهداف أو حالت دونها.
السنوات الأخيرة من عمل المجالس البرلمانية مختلفة عن ما كانت عليه في عقود مضت. فالجميع يعمل تحت وابل من الاسئلة وموجات من النقد المهني والشخصي.
اتهامات الفساد والتقصير واستغلال الموقع ونقص الكفاءة تطال معظم من يشغلون المواقع العامة كلما جاء الناس على سيرة المجالس والانتخابات أو ارتفعت الاسعار أو اخطأت الحكومة. بعض الاتهامات والشكاوى لها ما يبررها لكن الكثير منها يتم جزافا ودون وجود اسباب واضحة للاتهام.
الكثير من الجهات الدولية ابدت اهتمامها بتطوير العمل البرلماني وتقديم الدعم لتحسين ممارسات صياغة التشريعات والرقابة وادارة الجلسات واليات التصويت واداء النواب في اللجان فعقدت الدورات والورش وقدمت الاسناد التكنولوجي وجرى تجهيز القاعات بالتكنولوجيا التي تمكن النواب من التصويت الآلي وامانة المجلس من التعرف على عدد الاصوات بطريقة الية تخفف الجدل الذي يتلو بعض الجلسات حول الية احتساب الموافقة والرفض.
خلال هذه الفترة ظهر مركز راصد كأحد المؤسسات الجادة التي تعاونت مع الممولين وشاركت في تنفيذ بعض برامج التطوير لتصبح إحدى أذرع القياس للاداء البرلماني وتسلط الضوء على كمية ونوعية المشاركة للنواب في تنفيذ المهام والواجبات الموكولة للمجلس من خلال تقارير دورية حول اعداد الجلسات ونسب حضور النواب لها وتكرار المداخلات والمواقف المتخذة من قبل كل منهم حيال القضايا المطروحة وعدد الاسئلة ونسبة المجاب عليه منها والمدة التي استغرقتها الاجابات وغيرها من اعمال التشريع والرقابة.
ما من شك ان المركز قدم خدمات مهمة وأنتج مادة غنية مكنت الكثير من وسائل الاعلام والناخبين من التعرف على أداء ممثليهم ومواقفهم الفعلية بعيدا عن الانطباعات التي غالبا ما تتشكل بجهود الدعاية والتلميع التي يحرص البعض على بذلها بوسائل مختلفة.
منذ أيام أصدر مركز راصد تقريرا جديدا حول أداء الحكومة ونشاطات الوزراء اشتمل على عدد النشاطات التي قام بها كل منهم و تحدث عن عدد الزيارات التي قام بها الرئيس والوزراء إلى الخارج و عن الوزراء الذين دخلوا الحكومة وخرجوا في التعديلات.
على أهمية المؤشرات الكمية التي اشتمل عليها التقرير ورصدها وتقديم النتائج للقارئ والمهتم إلا أن هناك صعوبة في فهم دلالة المؤشرات المستخدمة فلم أفهم تماما إذا ما كان عدد زيارات الوزراء للخارج الذي قال التقرير انها وصلت إلى 238 زيارة خلال عام هو مناسب أو غير مناسب أو ضروري او غير ضروري فربما أن الحاجة إلى الزيارات قد ازدادت عن ما كانت عليه أو قلت. ولا أعرف اذا ما كان المطلوب من جميع الوزراء ان يقوموا بلقاءات ميدانية وزيارات وما الذي يمكن ان يقوم به بعض الوزراء كالخارجية والتعاون الدولي والمالية وشؤون رئاسة الوزراء من اللقاءات الميدانية.
لا أعرف اذا كان من المناسب عرض هذه المادة دون مناقشتها في اطر تبين التوقعات والمهام والادوار التي يقوم بها الوزراء فالمادة غنية ومهمة لكنها لا تتعدى بيانات بحاجة إلى معالجة لتصبح معلومات والكثير من التحليل لتستخدم في تقييم عمل الحكومة وقياس اداء الوزراء
الجهود التي يقوم بها المركز مهمة لكن الخطورة تأتي من امكانية استخدام بعض النسب والارقام المنشورة كمادة للاتهام والهجوم على المؤسسات والقائمين عليها على اعتبار انها بيانات ادانة لما يقومون به، بدون تحديد مؤشرات معيارية لما ينبغي ان يقوم به النائب والوزير وعرضا لمحتوى الادوار تبقى البيانات مادة وعتادا قد يستخدم للمزيد من الاتهام والتجريح.
الغد