نتساءل وبعد خروج نتائج الاستطلاع ؟ هل هناك حاجة لحل مجلس النواب وبالتالي استقالة الحكومة, وهل الاساس هو اقالة النواب كونهم يشكلون عبئا كبيرا على المواطنين فتذهب الحكومة بعرواهم, أم ان الحكومة نفسها مستهدفة بالاقالة وبالتالي يكون النواب هم كبش الفدى لذلك . ام ان الطرفان مستهدفان وفق منظومة الواقع الحالي وعدم وجود تباشير واضحة على تحسن الاوضاع الاقتصادية كما وضحتها نتائج الاستطلاع.؟
انا لا اريد ان ادافع عن الحكومة واي حكومة كانت ولكن يجب ان نؤمن بانه لا بد من الانصاف حتى نعزز كل خطوة ايجابية حتى ولوكانت بصيص نور . , فإن اردت ان تطاع فاطلب المستطاع . لو كان الحديث عن الوزراء بشخوصهم لقلنا نعم هناك البعض ممن لا يستحق ان يكون وزيرا لضعف ادائه وعدم وعيه الكامل بحقل عمله ولا إدارة مؤسساته المتعثرة , خاصة وان العمل الحكومي القائم على التخطيط الاستراتيجي المبنى على القوانين والانظمة المنظمة للاداء هو القاعدة التي تنظم مسيرة العمل وضمان التقدم والنجاح بعيدا ن البيروقراطية واشللية والانكفاء , فالاساس في التقييم , أن نتطلع الى الاطار العام لاداء مؤسساتنا وبرامج وخطط واستراتيجياتها ضمن اطار الظروف والتحديات وليس بعيدا عنها لان في ذلك ظلم . ؟!
والسؤال المطروح الان :- لو قام مركز الدراسات الاستراتيجية بعمل استطلاع رأي وتقييم حول قبول الناس للنواب وآدائهم, فهل سنجد نفس نتيجة الحكومة ام اسوأ؟ , ولو تم عمل نفس الاستطلاع عن أي مؤسسة في الدولة ، فستجد الجواب السلبي يتصدر النتائج لان الانسان يحكم على الامور من منطلق مطالبه المثاليه’ وتجاربه وتطلعاته هو وليس الواقع الذي يحمل التحديات والصعوبات التي تواجهها هذه المؤسسات ! . إن البحث العلمي يؤكد دائما على أن التقييم الشخصي الانطباعي يختلف عن التقييم العلمي لنفس الشخص والقائم على الابعاد المختلف للموضوع نفسه ، وعلى فترة ليس بالقصيرة.
أي الحكم على السلوك العام لظاهرة البحث بظروفها ومسلكتها , ولهذا فإن مجرد اجراء استطلاع انطباعي حول الحكومة في ظل اوضاع اقتصاية صعبة وضغوطات ومشاكل وتحديات اكبر من قدرة الاردن , فالنتيجة واضحة ولا تحتاج لتحليل أو تفسير و ستكون سلبية , وبالتالي فإن النتائج التي تم تحليلها احصائيا لن تعكس حقيقة الواقع وبسلوكه العام ولفترة طويلة بل عكست راي افراد العينة وطبيعة الاسئلة الموجه , وشكل التحليل الذي تم على هذه الاحصاءات .
مؤشران النجاح من عدمه تكمن في الاستراتيجيات والخطط وفي حجم المديونية و نسبة النمو و الاستقرار النقدي و نمو الصادرات وعلى كفاية الاحتياط وموجودات البنك المركزي وعلى التوزيع الضريبي وعدالته ، بتخفيف الضريبة وتوسيع قاعدتها .
انا لا اريد ان ادافع عن الحكومة بمقدار أننا لا يجب نريد ان نظلمها بنفس الوقت , فاذا كانت الاوضاع والظروف تتحكم بمسرتنا وتوجهنا نحو المزيد من الصبر والتحمل فهذا لا يعني اننا نعلق الجرس عند باب الحكومة التي على مجلس النواب ان يحاسبها دستوريا ولسنا نحن كمواطنين من لال استطلاعات قد لا تكون المرآة التي تعكس الواقع . حيث اوكلنا ممثلين عنا لمواجهة اي تقصير للحكومة لا أن نقفز فوق الصواب ونحاسب الحكومة وننسى دور النواب الحقيقي .
معظم محللي نتائج الاستطلاعات الاحصائية في العالم يشكون من عدم دقة النتائج من حيث تمثيل الواقع وترجمة المواقف طويلة الامد للراي العام او للمجالات العامة , فالتاثيرات الخارجية ذات تاثير على المواقف, وقد اجريت في أمريكا تجربة على الراي العام وفي قضية معينة و كانت النتائج متناقضة تماما جراء موقف الاعلام الذي شكك في كثير من الحقائق التي اعتمدتها المؤسسات الرسمية في كليفورنيا , وهذا يدل على ان اراء الراي العام م وليدة اللحظة والتأثيرات المحيطة والحالة الشخصية التي تعكس تجربته القصيرة . استطلاعات العلوم الاجتماعية والانسانية وسيلة ممتازة لقياس الراي العام لكنه ليس الوسيلة الافضل لتقييم فكر توجهات الناس اذا ما قورنت بالمقابلات والعصف الذهني واللقاءات المباشرة التي يتم فيها تبادل الاراء والتوضيح .
هذا اضافة الى ان قادة الراي لا يمكن تصنيفهم وفرزهم وخاصة في مثل هذه الايام التي جعلت من كل مواطن صاحب معرفة واطلاع . فنحن نعرف ان معظم قادة الراي تتحدد مواقفهم بناء على مواقف سابقة وليس انطباعات , فأكثر ما يشن على الحكومة من اقاويل اساسها الصالونات السياسية التي تمثل نخب سياسية طامحة او مستكرده او آمله . فكيف نستطيع ان نحكم على ارائهم ( رغم احترامنا وتقديرها لنا ) وهي غير مبنية على نتائج تحليل علمي خروج بمواقف واضحة ومعلنة .
لا نقول ان الحكومة لم تعمل وبنفس الوقت لا نستطيع القول انها لبت مطامح الناس، فنتائج الدراسات فيها النسب الاحتمالية على عكس دراسات العلوم البحته.