تقييم الحكومة بعد عام من عمرها لم يكن جيدا وهذا ليس بالشيء المثير مبدئيا، فمتى كان تقييم الحكومات غير ذلك. مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية نشر استطلاعه الدوري بمناسبة مرور عام من عمر الحكومة وقد حصلت على معدلات متدنية مقارنة بحكومات سابقة وقرر الرئيس ان يردّ في برنامج “ستون دقيقة” الجمعة الماضية. وقد قرأت تقييمات سلبية في الغالب لحديث الرئيس الذي لا يضيق ابدا بالنقد والتقييمات السلبية بل يظهر تفهما وسعة صدر ومسايرة مهما قسى التقييم وهذا في النهاية يعطيه تعاطفا ما دامت الأمور كلها مبنية على الانطباعات. لكن أمس اعلن مركز الحياة “راصد” عن نتائج رصده بالارقام لالتزامات الحكومة خلال عام من عمرها ولم يكن التقييم ايجابيا في معظم المحاور.
لكن حتى بحث راصد الرقمي غير كاف لأن الأرقام تغطي الكم وليس الكيف فماذا يعني عدد الزيارات أو القرارات أو أي ارقام اخرى إذا لم يرتبط بدلالات كيفية ونتائج عملية؟! هذا يظهر في حالات محدودة في تقرير راصد مرفقا بشرح فمثلا بالنسبة لعدد الوظائف التي التزمت بها الحكومة يظهر تناقضا في العدد المتحقق بين 3 إلى 10 آلاف وفي النهاية يظهر انه لا توجد آلية مؤكدة للاحصاء إذ تعتمد الحكومة تقارير المديريات عن عدد الملتحقين بالعمل في القطاع الخاص وهذه تعتمد على تحصيل المعلومات من اصحاب العمل. وكان الرئيس في ظهوره على برنامج ستون دقيقة قال إن البطالة هي أهم تحد امام الحكومة. لكن استنتاج راصد يقول إن عمل الحكومة لمكافحة البطالة هو نفسه المعمول به من سنوات (برامج التدريب والتشغيل) فلا جديد ولا نتائج مميزة.
ومن الأمور الملفتة في تقرير راصد عن التزامات الحكومة موضوع الشفافية والمكاشفة الذي شددت الحكومة عليه وخصوصا في التعيينات. ونتذكر التعثر في هذا الملف حتى اضطرت الحكومة مؤخرا الى تعهد جديد باتباع آلية شفافة وصارمة من خلال لجنة الاختيار للوظائف العليا. وسننتظر تطبيق هذا الوعد. لكن الطريف هو تعيين الوزراء انفسهم فقد قال الرئيس بعد اول تشكيل لحكومته (مؤكداعلى حديث سابق للملك) إن أداء الوزراء سيخضع للتقييم دوريا وسيتم “ترويح” كل وزير مقصر ثم تعددت التعديلات الوزارية اكثر من أي حكومة اخرى دون ان نعرف عن ترويح احد بسبب الأداء. ونتفهم الحرج ان يقول الرئيس ذلك علنا عن وزير مغادر لكن هل تغيير 3 وزراء صحة كان بسبب الأداء. وهل نقل الوزيرة مجد شويكة من “الأداء المؤسسي” الى السياحة مثلا لأنها فشلت هناك ونتوسم بها خيرا وفيرا هنا؟! وهي كانت وزيرا للاتصالات ثم ذهبت وزيرا لوزارة القطاع العام ومن اجل إعطائها مزيدا من القوة على بقية الوزارات نقلت الى رئاسة الوزراء كوزيرة تطوير للأداء المؤسسي لتغادر بعد شهرين الى السياحة.
ليست مشكلة الرئيس في رؤيته التي يعبر عنها في تصريحاته بل في الأسلوب الذي يخضع لكل اعتبارات المسايرة والمهادنة والمحايدة فلا يحقق اي اختراق… اللهم الا في تحسين الأداء في مديرية عمل عمان الغربية – مثلا – التي زارها الرئيس وقال لهم كلاما قاسيا جدا وتوعدهم وعاد بعد شهر فوجد انها تحسنت وتعمل بصورة رائعة! طيب اذا حصل ذلك في مديرية واحدة فيمكن ان يحصل في مئات الادارات والمديريات والمؤسسات ومراكز الوزارات فلم لا يحصل؟.. وكيف يمكن ان يحصل؟
الغد