لا هذا راضي، ولا ذاك عاجبه!
نسيم عنيزات
24-06-2019 02:09 AM
توهان وفقدان البوصلة أصبح ميزة وديدن الكثير منا، السير على غير هدى، والانطلاق دون هدف او غاية بالوصول, لان المهم هو مغادرة الدائرة نفسها دون علم أن الأخرى أكثر سوءا واقل حظا.
أصبحنا في عزلة من الداخل كما الخارج بالشارع والمكتب والبيت وكل مكان، نضرب اخماسا بأسداس،نتحسر على أيام زمن جميل، لم نره اصلا، إنما هي العادة دائما التباكي على الماضي، ولعب دور الضحية المهمش والمظلوم, وكأن الوطن بني على أكتافه، ومن عرق جبينه، فالكل يخشى على الوطن ويخاف عليه, وانه كان ضحية الدفاع عنه او قول الحق، ولأنه كذلك ها هو حاله، وأن الكثيرين ممن كانوا عكس ذلك قد وصلوا وحققوا الكثير من المناصب والامتيازات.
والحقيقة لا هذا ولا ذاك فالكثيرون ينتظرون الفرصة بأسلوبهم وطريقتهم وأصبح ينظرون للوطن بمدى الفائدة والمكسب، لكن المفارقة العجيبة والمعادلة التي يصعب تفكيك رموزها، ان لا هذا راضي ولا ذاك عاجبه الحال، فأين الخلل إذن وبيت القصيد؟
لماذا ومن الذي أوصلنا إلى هذا الوضع الغريب الشائك المليء بالتناقضات والعجائب، هناك من تفصل له الأسس، وغيره عليه ان يخضع لها، مواقع بتعليمات، وأخرى بدونها، استثناءات لا نعرف لماذا، وتشدد وحرص في مواقع اخرى، أسماء لا نعرفها، وأحيانا لا دخل لها بما كلفت به، جاء بها حظها او جلسة مع أحد ما أعجبه حديثها او تنظيرها، أو ربما علاقة هنا او هناك، في حين على الآخرين ان ينتظروا لحين صدور تعليمات جديدة.
ولأن السواد الأعظم قد سلم بالأمر الواقع وقبل به للأسف، و لان الطرفين يمارسون الدور نفسه، كل له طريقته، فاما الذي لم يحظ بالموقع ويصور نفسه ضحية كان بالأصل قد بحث عن واسطة، او مارس الدور نفسه، لكن الحظ لم يخدمه او واسطته ليست متنفسا كثيرا، وهناك من كان اقوى وصاحب حظوة أكثر، فيأتي من قد لا يستحق أحيانا، وقد لا يكون له علاقة بالموضوع الذي سرعان ما يشبعك بطولات، وكأنه المنقذ الذي علينا أن نحمد الله الذي قيضه لنا، ونشكره لانه قبل بهذا الموقع الذي لم يكن ليحلم به، لأننا أيضا لم نعد نعرف الأسس، أو نؤمن بها، نضرب بها عرض الحائط عندما تتعارض مع مصالحنا، ونقبل بتخطي غيرنا دون حق.
نتكلم عن خطط واستراتيجيات وتطوير ونهضة وغيرها، دون أن نومن بها من الداخل، ليتسنى لنا الدفاع
عنها، فهي مجرد شعارات وتصريحات، وستبقى كذلك طالما نحن كما نحن عليه، ضعفاء مهزومون من داخلنا لا نرى غير أنفسنا، لا نبحث الا عن مصالحنا، نتخلى عن قيمنا عندما نصل إلى غايتنا، وكأن الوطن قطار للوصول او السير عبره إلى محطات أخرى.
ممارسات غريبة وتنفيعات وسلوكات لا تقل غرابة، وممارسات عجيبة خلقت لدى الكثيرين منا شعورا بالغربة وكأنه ليس في وطنه.
الدستور