لا تكاد تقنع أحداً تلك الرواية التي سربت لصحيفة نيويورك تايمز والتي تقول إن سبب «تعطيل» الضربة الاميركية الانتقامية لإيران يرجع للنصيحة التي قدمها الصحافي «تاكر كارلسون» للرئيس ترمب ونصحه فيها بتجنب إشعال فتيل الحرب مع إيران، ليبقى لديه الأمل في العودة رئيساً مرة ثانية سنة 2020».
ومن أبرز الشكوك التي تطارد هذه الرواية وجود رواية أخرى تبدو وبالقياسات السياسية العامة منطقية أكثر من قصة «تاكر كارلسون» والتي تتحدث عن أن نتنياهو لا يرى أن من مصلحته سياسياً أن يتم التصعيد مع إيران في ظل الظروف التي يعيشها داخل إسرائيل على صعيد التحضيرات الانتخابية وعلى صعيد المتابعات القضائية التي تطارده وتطارد زوجته.
أعتقد أن الروايتين ليس لهما مصداقية، فرئيس الولايات المتحدة لا يحكم سلوكه السياسي وتحديدا في البعد العسكري نصيحة من هنا أو من هناك وتحديداً تجاه إيران هذه الحالة «الرمادية» المحيرة بالنسبة لواشنطن، ففي السياق التاريخي ومنذ زمن الشاه الإيراني محمد رضا بهلوي، اتسمت العلاقات السياسية بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران بالكثير من الحميمية، وظلت العلاقة ممتازة مع رجل أميركا القوي، والذي كان يوصف بشرطي الخليج في ذلك الوقت، وذلك بعد أن استدعته وثبتت واشنطن حكمه في إيران 1941 ليخلف والده الشاه رضا الذي اعتبرته واشنطن ودول الحلفاء في الحرب العالمية الثانية عميلاً لألمانيا النازية التي دعمها بالنفط خلال الحرب.
في العودة للتاريخ السياسي بين البلدين وتحديداً بعد التحالف المشار إليه في بداية الأربعينيات من القرن الماضي سنجد أن تلك العلاقة لم تصل يوماً لمرحلة الصدام العسكري وحتى في ذروة الصدام السياسي «المفترض» بين الخميني ونظامه لاحقاً وبين إدارة كارتر وإدارة ريغان، وفي المعلومات التاريخية فقد كان كارتر هو من ساهم عملياً في توجيه الشاه لمغادرة إيران لتهدئة الأوضاع بعد المظاهرات العارمة التى اجتاحت المدن الإيرانية وتحديداً طهران ثم نصحه بعد ذلك بعدم العودة لإيران وأتم بعدها الصفقة التاريخية بينه وبين الرئيس الفرنسي جيكارد ديستان، وهي الصفقة التي جاءت بالخميني زعيماً لإيران رغم الغياب المعروف للتيارات الدينية الشيعية عن تلك التظاهرات والتي تزعمتها أحزاب وجماعات ذات طابع قومي – علماني حيث كان رجال الدين الشيعة معروفين تاريخياً بتحالفهم مع الشاه ومن أبرز المحطات التاريخية لهذا التحالف وقوفهم مع الشاه ضد ثورة مصدق لتأميم النفط الإيراني عام 1952.
إن إيران بتاريخها القريب وواقعها لم تكن عدواً فعلياً لواشنطن ولا لتل أبيب بل كانت ومنذ عهد الملك «كورش الكبير» أي منذ عام 560 قبل الميلاد إلى اليوم عدواً دائماً للعرب.
الراي