رسالة الملك إلى الإسرائيليين: إنكم تطلقون شرارة الاشتعال
جميل النمري
10-10-2009 05:57 AM
كان المدخل التذكير بصانعَي السلام الاردني الاسرائيلي الراحلين الحسين ورابين، وصاحب المقابلة مع صحيفة هآرتس "عكيفا الدار" من كبار الصحافيين أنصار السلام الذي سينقل صوت الملك بما وراءه من إرث وما يحمله من مصداقية الى الاسرائيليين في هذه الأيام الساخنة.
أعاد جلالة الملك التذكير ان اتفاقية السلام هي جزء من مشروع سلام شامل، وقارن بين طموحات تلك المرحلة والواقع الحالي للعلاقات قائلا انها تزداد برودا، حيث "يكاد يكون مستحيلا أن يزور أردني اسرائيل والعلاقات التجارية تقريبا غير موجودة . . فأين السلام بين الشعوب؟!".
وردا على حجّة أن الاسرائيليين يخشون من حماس أخرى في الضفّة على غرار ما حصل بعد الانسحاب من غزّة، كشف الملك أنه كان غاضبا من الانسحاب أحادي الجانب من دون سلام شامل "وكأن الهدف منه ايجاد مشكلة؟!" وقال إنه اذا كان لهذا أن يتكرر فلأنكم أنتم ستكررون ما قمتم به وستحولون الضفّة الى سجن.
كم تبدو هذه المقاربة كاشفة لما تفعله اسرائيل بالسلطة وعباس اليوم، فكلما تحسن موقف القيادة الفلسطينية في أوساط شعبها وحاز برنامجها على التفاف جيد وهو برنامج السلام والتعايش، قامت اسرائيل بكل جهد ممكن لتدمير مصداقية القيادة وصورتها أمام شعبها وكأنها لا تريد أمامها الا برنامج العداء والحرب. وها هو نتنياهو يعلن بطريقة وقحة عن توجيهاته لدعم عباس بعد الدمار الذي لحق به في قضية تقرير غولدستون. مع أن هذا التصريح نفسه لا يفعل سوى الحاق مزيد من التهشيم لصورة عباس والتمكين لخصومه. فالاسرائيليون يعرفون جيدا ما الذي يقوي موقف السلطة وبرنامج السلام. طبعا ليس افلات المتطرفين على الحرم الشريف ولا بناء أحياء استيطانية جديدة في القدس!!
خلال الأشهر الماضية أخذت السلطة الفلسطينية تستعيد مكانة ومصداقية جيدة فالحكومة تمكنت من استعادة دور وادارة ناجحة وشفافة لمس الجمهور نتائجها، ونجح عباس في توحيد فتح والسلطة ومنظمة التحرير تحت قيادته منهيا صورته الضعيفة التي روجت لها اسرائيل للقول إنه ليس لديها شريك سلام، ومشروع المصالحة الوطنية بات على الأبواب. لكن مصداقية عباس والسلطة عانت من تعنت اسرائيل في موضوع المستوطنات وتصعيدها الخطير في القدس ثم تلقت ضربة موجعة في قضية تقرير غولدستون.
سلوك اسرائيل لا يقوض مكانة ومصداقية عباس وحده بل كل معسكر السلام العربي بل وانجازات العالم المتحققة ضد التطرف والارهاب. فمن القدس اشتعلت الانتفاضة الثانية، وامتدّ حريقها في كلّ مكان تطرفا وارهابا، وها أن حكومة نتنياهو تطلق شرارات قرب برميل البارود، ويقول جلالة الملك غاضبا ومنذرا "لا نقبل ولا نتحمل أي اجراءات احادية في القدس.واذا استمر ذلك ستكون شرارة الاشتعال!".
jamil.nimri@alghad.jo