توحيد الجبهة الداخلية وراء الموقف الأردني تجاه إسرائيل
باتر محمد وردم
10-10-2009 04:37 AM
يبدو أن الأردن مقبل على مواجهة سياسية مباشرة مع حكومة نتنياهو ، وهي المرة الثانية التي يدفع فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي المتطرف المنطقة إلى حافة الهاوية ويهدد معاهدة السلام الأردنية - الإسرائيلية ويوصل هذا البلد الذي بقي دائما مؤمنا باستراتيجية السلام إلى نهاية حدود احتمال السياسات الإسرائيلية.
بعد 13 عاما من مواجهة سياسية قادها جلالة الملك الحسين بن طلال مع رئيس الوزراء الإسرائيلي المتغطرس يقود جلالة الملك عبد الله الثاني عملا سياسيا منظما ضد الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة في تهديد المسجد الأقصى واستمرار حصار الشعب الفلسطيني ورفض كافة مقترحات السلام العربية. في المقابلة التي أجرتها صحيفة هآرتس مع جلالة الملك رسائل سياسية واضحة وصريحة موجهة ليس فقط لرئيس حكومة متغطرس على الأغلب أنه لن يستمع إلى المنطق ، بل إلى كافة مكونات القوى السياسية والاجتماعية في إسرائيل لمواجهة ساعة الحقيقة والتي مفادها أنه لا مجال لمستقبل ولا سلام ولا أمن بدون احترام حقوق الشعب الفلسطيني وعدم الاعتداء على المقدسات الإسلامية في القدس الشريف. إن الأردن الذي كان أول الدول العربية توقع على معاهدة سلام مع إسرائيل بعد التوصل إلى اتفاقية ما بين منظمة التحرير وإسرائيل على المسار الفلسطيني كان دائما مؤمنا باستراتيجية السلام ولديه خطاب سياسي واحد لم يتغير مفاده الانحياز إلى منطق السلام والتعاون من أجل تحقيق حل عادل ومستدام للقضية الفلسطينية. ولكن في المحاور التي تتطلب مواقف سياسية واضحة ضد التطرف والعدوان الإسرائيلي كان الأردن ايضا في طليعة الدول التي تقود العمل الدبلوماسي العربي والدولي في مواجهة المخططات الإسرائيلية وسط سكوت مريب من عدة جهات اعتادت على الصوت العالي بمناسبة وبدون مناسبة.
الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة التي تعرضت لمدينة القدس والمقدسات الإسرائيلية تضرب في الصميم المعاهدة الأردنية - الإسرائيلية وقد عبر الملك عن ذلك بوضوح في المقابلة مع هآرتس بتأكيده على أن القدس هي رمز لكافة المسلمين والديانات التوحيدية وأن المساس بها من قبل إسرائيل لا يهدد فقط بهز العلاقات الأردنية الإسرائيلية وخلخلتها ولكن بتفجير شرارات اشتعال في كل أنحاء العالم الإسلامي. كما أوضح أن العلاقة مع إسرائيل تزداد برودة والسلام ليس بالدفء الذي يتوقعه البعض. هذا التأكيد الملكي يشكل رسالة مهمة للإسرائيليين الذين طالما اعتبروا المعاهدة الأردنية الإسرائيلية أنموذجا إيجابيا للعلاقات مع الدول العربية ولكن هذا ليس صحيحا وهذه المعاهدة ليست تقييدا للعمل السياسي الأردني الذي يخدم المصالح والأهداف الفلسطينية والعربية.
الأردن هو في الخط الأول للمواجهة السياسية مع إسرائيل والعمل السياسي المنهجي هو الأفضل في هذا السياق وهناك وحدة في الموقف الأردني الداخلي ودعم مباشر وغير محدود للجهود الدبلوماسية الأردنية وهذا ما يتطلب الحرص على إبقاء الساحة الداخلية في حالة وحدة وهدوء ولكن وبكل أسف فإن بعض الجهات السياسية التي باتت تشكل عبئا حقيقيا على الأردن تعمل حاليا على شحن الجبهة الداخلية بمزيج من التصريحات والخطابات غير المدروسة كما حدث امس في المسيرة غير المرخصة للاخوان المسلمين وتصدير أزمات سياسية وداخلية تعاني منها هذه الجهات إلى الوضع الداخلي الأردني وتحويله إلى ساحة لتصفية حسابات تنظيمية.
الموقف الدبلوماسي الأردني تجاه إسرائيل والذي يقوده جلالة الملك يشكل حاليا أكثر التحركات السياسية العربية أهمية وتأثيرا وهو يحتاج إلى دعم من الجبهة الداخلية ومنع التحريض والمزاودة التي تبرع بها بعض الجهات الباحثة عن استعادة دورها الشعبي المتدهور منذ فترة طويلة.
batirw@yahoo.com